ثم بالإضلال ثانيا في قوله : (يُرِيدُونَ أَنْ تَضِلُّوا). ثم بتحريف الكلم عن مواضعه في قوله: (مِنَ الَّذِينَ هادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَواضِعِهِ).
وما عرف التاريخ قوما أشد عنادا للحق ، وعداء للخير من اليهود ، فقد كانوا ضالين مضلين محرفين يوم كانوا أذلاء محكومين ، أما اليوم ، وبعد أن خلق لهم الاستعمار دولة القراصنة والسفاحين ، فلم يقفوا عند الضلال والإضلال والتحريف ، بل صاروا رمزا للشر العالمي ، وسلاحا فتاكا يملكه كل مستعمر ومتآمر على العباد والبلاد ، ومقياسا يميز قوى الشر والغدر عن قوى الخير والتحرر .. فما من دولة استعمارية في هذا العصر تهدف الى استعباد الشعوب الا وتلجأ الى إسرائيل لتحقق أهدافها ومراميها ، وما من فئة مستغلة باغية في الشرق والغرب الا تستعين في حماية مصالحها بهذه العصابة الغاشمة الآثمة.
ولكن الدلائل التي ظهرت في فييتنام تبشر ، ولله الحمد ، بتهيئة السبيل وتمهيده لإنسان جديد يعرف كيف يقضي على أعداء الحق والانسانية .. ان انسان اليوم في فييتنام ـ نحن الآن في سنة ١٩٦٨ ـ وانسان الغد في كل مكان يختلف تماما عن انسان الأمس .. انه يميز بين المخلص والخائن ، ولا يخفى عليه هذا ، حتى ولو تقنّع بألف قناع وقناع ، يميز بينهما ، ويضع كلا في مرتبته والمكان الذي يستحقه ، وعندها يعيش الناس بلا مشاكل وقنابل .. وقد أثبتت الحوادث وبخاصة نكبة ٥ حزيران ٦٧ ان مشاكلنا نحن العرب والمسلمين لم يكن لها من مصدر الا وجود غير الأكفاء في مركز القوة ، وهذا أمر عارض يزول مع الأيام.
(وَاللهُ أَعْلَمُ بِأَعْدائِكُمْ وَكَفى بِاللهِ وَلِيًّا وَكَفى بِاللهِ نَصِيراً). الله يعلم ، ونحن أيضا نعلم ان اليهود ومن يساندهم أعداء الحق والانسانية ، ولم يعد هذا خافيا على أحد بعد أن أصبحت الصهيونية ودولة إسرائيل رمزا للشر العالمي ، ولكن الكثير منا لا يعرف المنافقين العملاء ، لأنهم يختفون بثوب الأخيار ، ويموهون على البسطاء .. ولهؤلاء يوم يظهرون فيه على حقيقتهم ، ويتولى الله خزيهم ، واستئصال شأفتهم في أيدي المؤمنين والأحرار الطيبين.
(مِنَ الَّذِينَ هادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَواضِعِهِ). وفي الآية ٤١ من المائدة :