قال : (لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا اللهُ لَفَسَدَتا فَسُبْحانَ اللهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ) ـ ٢٢ الأنبياء». أي لو كان في السماء والأرض آلهة سوى الله لما استقامتا ، ولفسد من فيهما وما فيهما ، ولم ينتظم أمر من الأمور. ذلك انه لو وجد إلهان لكان كل منهما قادرا ، ومن شأن القادر أن يكون مريدا ضد ما يريده الآخر ، وعليه فإذا أراد أحدهما خلق شيء ، وأراد الآخر خلافه ، فاما أن يحصل مرادهما معا ، فيلزم اجتماع الوجود والعدم ، وهو محال ، واما أن يحصل مراد أحدهما دون الآخر ، فيكون هذا الآخر عاجزا ومغلوبا على أمره .. وبديهة ان العاجز لا يكون إلها.
وفي الآية ٩١ المؤمنون : (مَا اتَّخَذَ اللهُ مِنْ وَلَدٍ وَما كانَ مَعَهُ مِنْ إِلهٍ إِذاً لَذَهَبَ كُلُّ إِلهٍ بِما خَلَقَ وَلَعَلا بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ سُبْحانَ اللهِ عَمَّا يَصِفُونَ). ومن الأمثلة الشائعة «حصانان لا يربطان على معلف واحد».
وقال علي أمير المؤمنين لولده الحسن (ع) : «واعلم يا بني انه لو كان لربك شريك لأتتك رسله ، ورأيت آثار ملكه وسلطانه ، ولعرفت أفعاله وصفاته».
وتسأل : هل القول : ان الله واحد ، ولكنه ذو أقانيم ثلاثة : أب وابن وروح القدس هو من باب التوحيد ، أو من باب تعدد الآلهة؟.
الجواب : ان هذا يتوقف على بيان المراد من الأقانيم ، فان أريد منها الصفات كالرحمن والرحيم فهو من التوحيد ، وان أريد منها الشخص فهو من التعدد .. وقال سعيد الخوري الشرتوني في أقرب الموارد : «أقانيم جمع أقنوم ، ومعناه الأصل والشخص». وعلى هذا يكون من تعدد الآلهة ، لا من التوحيد ، ويؤيده ان لفظ الأب والابن ، يستدعيان التعدد والتغاير في الشخص والذات .. بالاضافة الى ان الصور والتماثيل في المعابد الخاصة للسيدة العذراء (ع) تعبر بوضوح عن التعدد ، لأنها تحمل بين يديها طفلا يرمز الى السيد المسيح (ع).
(أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ). قال المفسرون : نزلت هذه الآية في اليهود ، وسواء أكان غرور اليهود هو السبب لنزول هذه الآية ، أو لم يكن فإنها أصدق صورة عن مزاعمهم وادعاءاتهم التي لا مثيل لها في الكذب والافتراء ، مثل قولهم : نحن أبناء الله وأحباؤه ، وقولهم : لن يدخل الجنة إلا من كان هودا.