هؤلاء على أمر وجب أن يطاعوا فيه بشرط أن يكونوا أمناء وألا يخالفوا أمر الله ، ولا سنة رسوله ، وأن يكونوا مختارين في بحثهم في الأمر واتفاقهم عليه.
وقال الشيعة الإمامية : ان الله سبحانه عطف بالواو اطاعة أولي الأمر على اطاعة الرسول بدون قيد ، والعطف بالواو يقتضي الجمع والمشاركة في الحكم ، ومعنى هذا ان اطاعة أولي الأمر هي اطاعة الرسول ، وان أمرهم هو أمره .. وليس من شك ان هذه المرتبة السامية لا تكون الا لمن اتصف بما يؤهله لهذا الطاعة ، ولا شيء يؤهله لها الا العصمة عن الخطأ والمعصية ، فهي وحدها التي تجعل طاعته وطاعة الرسول سواء ، وقد اعترف الرازي بفكرة العصمة صراحة ، وقال : ان أولي الأمر الذين تجب اطاعتهم لا بد أن يكونوا معصومين ، والرازي ـ كما هو معروف ـ من كبار علماء السنة وفلاسفتهم ومفسريهم ، وهذا ما قاله بالحرف :
«اعلم ان قوله (أولي الأمر) يدل عندنا على ان اجماع الأمة حجة ، والدليل على ذلك ان الله تعالى أمر بالطاعة أولي الأمر على سبيل الجزم في هذه الآية ، ومن أمر الله بطاعته لا بد أن يكون معصوما عن الخطأ ، إذ لو لم يكن معصوما عن الخطأ ، كان بتقدير اقدامه على الخطأ مع ان الله قد أمر بمتابعته ، فيكون ذلك أمرا بفعل الخطأ ، مع العلم بأن متابعة المخطئ منهي عنها .. فثبت ان المقصود من أولي الأمر المذكورين في الآية لا بد أن يكون معصوما».
وهذا عين ما قاله الشيعة في تفسير هذه الآية ، والخلاف بينهم وبين السنة في التطبيق وتعيين المعصوم ، فالسنة يقولون : العصمة للأمة ، وفسروا الأمة بأهل الحل والعقد ، وقال كثير منهم : يكفي بعض أهل الحل والعقد .. وقال الشيعة : ان المراد بأولي الأمر أهل البيت ، وهم المعصومون والمطهرون من الرجس والدنس ، ففكرة العصمة ـ اذن ـ ليست خاصة بالشيعة ، ولم يتفردوا بالقول بها ، بل هي عند السنة ، كما هي عند الشيعة ، والفرق انما هو في التطبيق وتعيين المعصوم ، كما قلنا ، فالحملة على الشيعة من أجل القول بالعصمة ، دون غيرهم ، لا مبرر لها الا التعصب ، وبث روح الشقاق والتفرقة.
واستدل الشيعة على عصمة أهل البيت بأن العصمة منحة إلهية يختص الله بها