من ارتضى من عباده ، ومحال أن تحصل العصمة بالاكتساب ، مهما اجتهد الإنسان ، وجاهد ، كما هو شأن سائر الصفات ، كالعدالة والايمان ، وما اليهما. وعليه ينحصر الطريق الى معرفة العصمة بالوحي فقط ، وقد ثبت النص كتابا وسنة على عصمة أهل البيت (ع) ، من ذلك قوله تعالى : (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) ـ ٣٣ الأحزاب».
ومن ذلك قول الرسول الأعظم (ص) : «من أطاعني فقد أطاع الله ، ومن عصاني فقد عصى الله ، ومن أطاع عليا فقد أطاعني ، ومن عصى عليا فقد عصاني». رواه الحاكم في المستدرك وقال : هذا حديث صحيح ، وصححه أيضا الذهبي في تلخيص المستدرك ، وفي الكتاب المذكور قال النبي «ص» : علي مع القرآن ، والقرآن مع علي لن يفترقا ، حتى يردا علي الحوض. وروى الترمذي في مسنده والحاكم في مستدركه وابن حجر في صواعقه عن الرسول الأعظم «ص» انه قال : اللهم أدر الحق مع علي كيف دار. وأيضا روى الامام ابن حنبل والترمذي والحاكم وابن حجر قوله «ص» : اني قد تركت فيكم ما ان تمسكتم به لن تضلوا بعدي الثقلين : كتاب الله وعترتي أهل بيتي ، واشتهر عن النبي «ص» : انما مثل أهل بيتي فيكم كسفينة نوح من ركبها نجا. الى عشرات الأحاديث ، وكلها مدوّنة في كتب السنة وصحاحهم ، ومروية بأسانيدهم ، وقد جمعها ووضع لها علماء الشيعة مؤلفات خاصة في القديم والحديث ، فمن القديم كتاب الشافي للشريف المرتضى ، وتلخيصه للشيخ الطوسي ، ونهج الحق للعلامة الحلي ، ومن الحديث المجلد الثالث من أعيان الشيعة للسيد محسن الأمين ، ودلائل الصدق للشيخ المظفر ، والمراجعات لشرف الدين.
وبالإجمال ان الشيعة والسنة يؤمنون معا بالعصمة كمبدأ (١) وأيضا يتفق الشيعة
__________________
(١) ان فكرة العصمة لا تختص بالشيعة ولا بالسنة ، فالمسيحيون قالوا بعصمة البابا ، والشيوعيون بعصمة ماركس ولينين ، والصينيون بعصمة ماوتسي تونغ ، والاخوان المسلمون بعصمة حسن البنا ، والقوميون السوريون بعصمة أنطون سعادة ، وهكذا كل حزب يقول بعصمة رئيسه ومؤسسه وواضع مبادئه. وقد تكلمنا عن العصمة مفصلا عند تفسير الآية ١٢٤ من سورة البقرة ، فقرة الإمامة وفكرة العصمة ، ص ١٩٦ من المجلد الأول.