وأكثر السنة ، أو الكثير منهم على ان أولي المذكورين في الآية معصومون ، وأيضا يتفقون على ان الدليل على عصمتهم ان الله أوجب اطاعتهم ، تماما كما أوجب اطاعة الله والرسول ، ولكن السنة والشيعة يختلفون في المراد من أولي الأمر المعصومين : هل هم أهل الحل والعقد ، أو هم أهل البيت (ع)؟.
قال السنة : هم أهل الحل والعقد. وقال الشيعة : هم أهل البيت ، لأن العصمة منحة إلهية لا تعرف الا بالنص من الله والرسول ، وقد ثبت النص عنهما على عصمة أهل البيت ، اذن يكون المراد بأولي الأمر أهل البيت دون غيرهم ، وبتعبير ثان ان أولي الأمر في الآية معصومون لوجوب اطاعتهم ، لأن من وجبت اطاعته فهو معصوم .. وأيضا ثبتت عصمة أهل البيت بالنص ، ولم تثبت عصمة غيرهم ، ومن ثبتت عصمته فهو واجب الطاعة ، فالنتيجة الحتمية ان أولي الأمر هم أهل البيت ، وان أهل البيت هم أولو الأمر دون غيرهم .. ومثل ذلك أن يقول لك قائل : استمع للناصح الأمين ، ولا ناصح أمين الا زيد ، فالنتيجة استمع لزيد.
ومما استدل به الشيعة على عدم جواز الرجوع الى أهل الحل والعقد في الأمور الدينية ـ قوله تعالى : (وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ) ـ ١٨٦ الأعراف». وقوله : (وَأَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ) ـ ١٠٦ المائدة». وقوله : (وَلكِنَّ أَكْثَرَكُمْ لِلْحَقِّ كارِهُونَ) ـ ٣٤ التوبة». ومعنى هذا ان الحق لا يعرف بالناس قلّوا أو كثروا ، وانما تعرف الناس بالحق الذي يؤخذ من كتاب الله ، وسنة نبيه ، وحكم العقل البديهي الذي لا يختلف فيه اثنان.
ـ على الهامش ـ أرسم هذه الكلمات في شهر آذار سنة ١٩٦٨ والانتخابات لمجلس النواب بلبنان قائمة على قدم وساق ، والأكثرية تزدحم على صناديق الاقتراع ، لتنتخب من دفع لها سلفا ثمن الأصوات بعد المزايدة ، أو وعد أصحابها بتلبية أغراضهم وأهوائهم. وسلام على من وصف بعض الانتخابات بقوله : «فصغى رجل لضغنه ـ أي مال مع حقده ـ ومال آخر لصهره ، مع هن وهن» كناية عن أشياء يكره ذكرها. وقال في مناسبة ثانية : «همج رعاع أتباع كل ناعق ، يميلون مع كل ريح ، لم يستضيئوا بنور العلم ، ولم يلجئوا الى ركن وثيق».