لأن الوصف إذا كان عاملا عمل الفعل يلحظ في تذكيره وتأنيثه الاسم المعمول له ، وأهلها مذكر ، لا مؤنث.
المعنى :
(فَلْيُقاتِلْ فِي سَبِيلِ اللهِ الَّذِينَ يَشْرُونَ الْحَياةَ الدُّنْيا بِالْآخِرَةِ). يشرون ، أي يبيعون. واحسن ما قيل عند تفسير هذه الآية ما يلي :
«ان الإسلام لا يقاتل على الأرض ، ولا للاستيلاء على السكان ، لا يقاتل ليجد الخامات للصناعات ، والأسواق للمنتجات ، أو لرؤوس الأموال يستثمرها في المستعمرات وشبه المستعمرات ، انه لا يقاتل لمجد شخص ، ولا لمجد بيت ، أو طبقة ، أو دولة ، أو أمة ، أو جنس ، انما يقاتل في سبيل الله. لإعلاء كلمة الله في الأرض ، ولتمكين منهجه من تصريف الحياة ، ولتمتيع البشرية بهذا المنهج ، وعدله المطلق بين الناس ، مع ترك كل فرد حرا في اختيار العقيدة التي يتمتع بها».
وتمنيت ، وأنا أقرأ قوله ، (لا يقاتل الإسلام ليجد الخامات للصناعات) ان يعطف عليه هذه الجملة : ولا ليشحم المعامل والفبارك بدماء الأحرار والنساء والأطفال.
(وَمَنْ يُقاتِلْ فِي سَبِيلِ اللهِ فَيُقْتَلْ أَوْ يَغْلِبْ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً). كل من ناصر الحق لوجه الحق ، وامتثالا لأمر الله وحده فهو مشكور ومأجور ، سواء انتصر وغنم ، أو غلب وهزم .. واتفق المؤرخون على اختلاف نزعاتهم ان السر في انتشار الإسلام هو عقيدة النبي (ص) والصحابة بأنهم الرابحون على كل حال ، مقتولين أو قاتلين ، فإن تكن الأولى فالمصير الى الجنة ، وان تكن الثانية فقد علت كلمة الحق ، وهذا ما يبغون .. بالاضافة الى اعتقادهم بأن أجلهم إذا جاء لا يستأخرون ساعة ، ولا يستقدمون .. ومتى بلغ معتقد المرء هذا المبلغ لم يقف في وجهه حاجز.
(وَما لَكُمْ لا تُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجالِ وَالنِّساءِ وَالْوِلْدانِ).