قويت شوكتهم ، وهابهم من يطمع بهم وهم متفرقون .. هذا الى فوائد كثيرة تترتب على الاجتماع والانضمام .. وبقيت الهجرة الى المدينة واجبة ، حتى فتح النبي مكة ، ونصره الله على أعدائه ، ودخل الناس في دين الله أفواجا ، ولم يبق للهجرة من سبب .. قال رسول الله (ص) : «لا هجرة بعد الفتح ، ولكن جهاد ونية».
(فَإِنْ تَوَلَّوْا فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ). أي ان أولئك المنافقين إذا لم يتركوا دار الكفر ويهاجروا الى المدينة ، وينضموا الى الرسول والمسلمين فخذوهم أي أأسروهم ، واقتلوهم أينما ظفرتم بهم (وَلا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ وَلِيًّا وَلا نَصِيراً). المراد بالوالي هنا الحليف ، والنصير معروف ، والقصد ان يعرضوا عنهم إعراضا كليا ، فلا يستنصحوهم ولا يستنصروهم ولا يستعينوا بهم في شيء.
وتسأل : ان الإسلام دين الحرية والتسامح مع جميع الطوائف وأهل الأديان ، وشريعته تحافظ على حياة الناس ، كل الناس ، وحقوقهم المعنوية والمادية ، بصرف النظر عن آرائهم ومعتقداتهم .. فما باله هنا يأمر بأسر المنافقين وقتلهم أينما وجدوا؟.
الجواب : فرق بعيد بين الطوائف وأهل الأديان ، بل والملحدين الذين أعلنوا عقائدهم وآراءهم على الملأ ، ولم يضمروا العداء لإنسان ، ولا غدروا ولا تآمروا ولا ناصروا مبطلا على محق ، فرق بعيد بين هؤلاء الذين لزموا جانب الحياد ، وبين المنافقين الذين أظهروا الإسلام ، وتستروا بكلمته ، وبقوا في دار الكفر بقصد الكيد للمسلمين ، والتآمر عليهم ، ومناصرة أعدائهم .. اذن : الأمر بأسر هؤلاء وقتلهم كان جزاء على عدائهم للإسلام في حين أنهم أظهروا الايمان به وأضمروا الكيد للنبي والمسلمين والغدر بهم ، والتآمر عليهم .. أما تسامح الإسلام مع بقية الطوائف وأهل الأديان فهو انسجام مع مبدأه في حماية الحرية لكل فرد ، وعدم الإكراه في الرأي والعقيدة حقا كانت أو باطلا ، ما دام وزرها على صاحبها فحسب ، والناس في أمن منها ومنه.
سؤال ثان : وشى به الجواب عن السؤال السابق ، وهو ان الإسلام يتسامح مع المنافقين ، تماما كما يتسامح من غيرهم من الطوائف وأهل الأديان بدليل ان