وبعد هذا التمهيد الذي لا بد منه لمعرفة موضوعنا نعود الى السؤال : هل كل الأنبياء شرقيون؟ ونجيب : كلا ، وإذا لم تصل إلينا أخبار المرسلين لأمم الغرب ، وبعض أمم الشرق فليس معنى هذا ان الله لم يرسل اليهم أحدا منهم .. وأيضا ليس من الضروري لالقاء الحجة على أهل الغرب أن يكون الرسول منهم وفيهم ، بل قد يكون شرقيا ، ومع ذلك تعم رسالته الشرق والغرب ، ويكون التبليغ بواسطة خلفائه والمندوبين عنه أو عنهم ، كما هو الشأن في محمد (ص) الذي خاطبه الله بقوله : (وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيراً وَنَذِيراً وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ) ـ ٢٨ سبأ». وبقوله : (وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ) ـ ١٠٧ الأنبياء» وقد أشارت بعض الكتب الدينية الموغلة في القدم الى ان رسالة محمد (ص) عامة وانها رحمة للعالمين ، وفوق ذلك ذكرت اسم أبي لهب بالحرف ونصبه العداء لرسول الله (ص) ، قال عبد الحق فديارتي في كتاب محمد في الأسفار الدينية العالمية :
«ان اسم الرسول العربي مكتوب بلفظه العربي احمد في «السامافيدا» من كتب البراهمة. وقد ورد في الفقرة السادسة والفقرة الثامنة من الجزء الثاني ، ونصها ان أحمد تلقى الشريعة من ربه ، وهي مملوءة بالحكمة .. وان وصف الكعبة ثابت في كتاب «الآثار فافيدا» وانه قد جاء في كتاب «زندافستا» الذي اشتهر باسم الكتاب المقدس في المجوسية ، جاء الإخبار عن نبي يوصف بأنه رحمة للعالمين يدعو الى إله واحد لم يكن له كفؤا أحد ، ويتصدى له عدو يسمى أبو لهب» (١).
ومحال أن يصدر هذا الإخبار من غير الخالق .. انه وحي من الله الى نبي من أنبيائه ، ما في ذلك ريب .. وإلا فمن الذي يتنبأ ويصدق في نبوته انه بعد آلاف السنين أو مئاتها يوجد رجل يسمى أحمد ، ويدعو الى عبادة الواحد الأحد ،
__________________
(١) كتاب محمد في الاسفار العالمية مطبوع باللغة الانكليزية ، ونقل عنه العقاد في كتاب العبقريات الإسلامية تحت عنوان الطوالع والنبوات ، ونقلنا نحن عن العقاد.