والمبشرون المسيحيون أعرف الناس بهذه الحقيقة ، ومع ذلك يدلسون ويوهمون العوام بأن القرآن يعترف بالتوراة والإنجيل اللذين لعبت بهما يد التحريف .. ان القرآن بكامله هو كلام واحد ، وجملة واحدة ، لا يجوز الايمان ببعضه ، والكفر ببعضه الآخر.
والتوراة كلمة عبرانية ، ومعناها الشريعة ، وتطلق عند أهل الكتاب على خمسة أسفار: الأول سفر التكوين ، وفيه الكلام عن بدء الخليقة ، وأخبار الأنبياء ، الثاني سفر الخروج ، وفيه تاريخ بني إسرائيل وقصة موسى ، الثالث سفر التثنية ، وفيه أحكام الشريعة اليهودية ، الرابع سفر اللاويين ، واللاويون هم نسل لاوي أحد أبناء يعقوب ، وفيه العبادات والمحرمات من الطيور والحيوانات ، الخامس سفر العدد ، وفيه احصاء لقبائل بني إسرائيل وجيوشهم ، وهذه الأسفار الخمسة هي من مجموعة أسفار تبلغ تسعة وثلاثين سفرا ، ويطلق النصارى عليها اسم العهد القديم.
أما الإنجيل فكلمة يونانية الأصل ، ومعناها البشارة ، والأناجيل عند المسيحيين أربعة : الأول إنجيل متى ، ويرجع تاريخ تأليفه إلى حوالي سنة ٦٠ بعد الميلاد ، وقد ألف باللهجة الآرامية. الثاني إنجيل مرقص ، وألفه باللغة اليونانية حوالي سنة ٦٣ أو ٦٥ ، الثالث إنجيل لوقا ، ألفه باللغة اليونانية بتاريخ إنجيل مرقص ، الرابع إنجيل يوحنا ، ألفه باللغة اليونانية حوالي سنة ٩٠ بعد الميلاد.
وقد استقر رأي المسيحيين في أوائل القرن الخامس الميلادي على اعتماد سبعة وعشرين سفرا من أسفارهم ، وقالوا : انها موحى بها لأصحابها من الرب ، ولكن بمعانيها لا بألفاظها ، وأطلقوا عليها اسم العهد الجديد ، للمقابلة بينها ، وبين ما اعتمد من أسفار اليهود المقدسة التي أطلقوا عليها اسم العهد القديم ، فالقديم يرجع إلى عهد موسى ، والجديد الى عهد عيسى ، ومعنى العهد الميثاق (١). ومر ما يتصل بهذا الموضوع عند تفسير الآية ٣ من سورة البقرة فقرة (يُؤْمِنُونَ بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ).
(وَأَنْزَلَ الْفُرْقانَ). الفرقان مصدر فرق ، وهو ما يفرق بين الحق والباطل ،
__________________
(١) تلخيص من كتاب «الاسفار المقدسة في الأديان السابقة للإسلام» لعلي عبد الواحد وافي.