النزول :
تكلم الناس كثيرا حول إسلام أبي طالب عم النبي (ص) ، واختلفت فيه الأقوال ، ووضعت فيه الكتب قديما وحديثا ، وأثير هذا الموضوع على صفحات مجلة العربي في العدد ١٠٨ و ١١٠.
واستدل القائلون بإسلامه بما لاقاه في سبيل الرسول الأعظم (ص) من سراة قومه وصناديدهم ، وبأقواله في مدح الرسول شعرا ونثرا. أما القائلون بأنه مات على الشرك فقد استدلوا بروايات تقول : ان هاتين الآيتين نزلتا في شأن أبي طالب.
وحين بلغت في التفسير الى هنا تتبعت الروايات والأقوال في صفحات الماضي والحاضر حول السبب لنزول الآيتين فخرجت بأن الرواة والمفسرين افترقوا في سبب نزول الآيتين إلى ثلاثة أقوال.
القول الأول :
ان جماعة من المؤمنين قالوا : نستغفر لموتانا المشركين ، كما استغفر ابراهيم (ع) لأبيه. فنزلت الآيتان. ذكر هذا القول الطبري والرازي وأبو حيان الأندلسي في تفسير البحر المحيط ، وصاحب تفسير المنار وغيرهم. وهذا القول أرجح من قول الآخرين ، لأن في الآيتين كلمات تشعر به ، منها قوله تعالى : (.. وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كانُوا أُولِي قُرْبى) فنهي المؤمنين عن الاستغفار لأقربائهم المشركين يشعر بأنهم كانوا يستغفرون لهم، أو حاولوا ذلك ومنها قوله : (وَما كانَ اسْتِغْفارُ إِبْراهِيمَ لِأَبِيهِ) فإنه يحسن جوابا عن قول المؤمنين : كما استغفر ابراهيم لأبيه.
القول الثاني :
ان النبي (ص) أتى قبر أمه ، وبكى عنده ، واستأذن ربه أن يستغفر لها ، فنزلت الآيتان ، ذكر هذا القول الذين نقلنا عنهم القول الأول. وهذا القول