الإعراب :
النون في قوله : فلا تكونن للتأكيد ، ودخلت على المضارع لمكان لا الناهية. وحتى يروا أي ان يروا. ويروا هنا تتعدى إلى مفعول واحد لأنها بصرية ، لا قلبية.
المعنى :
(فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ فَسْئَلِ الَّذِينَ يَقْرَؤُنَ الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكَ). المراد بالذين يقرءون الكتاب علماء الإنجيل والتوراة ، والشيء المسئول عنه هو ما جاء في القرآن من قصة موسى وغيره من الأنبياء بقرينة السياق ، لأن الآيات نزلت في قصة موسى مع فرعون.
وتسأل : ما هو الوجه في قوله تعالى لنبيه الأكرم : (فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ) مع العلم ان النبي لا يشك في ذلك ، كيف؟ وقد تحمّل من الأذى في سبيل رسالته ما لم يتحمله نبي ولا مصلح.
الجواب : الوجه ان يقول النبي (ص) لمن يشك فيما ذكره القرآن من قصة موسى وغيره من الأنبياء ، ان يقول له : اسأل عن ذلك العلماء المنصفين من أهل الكتاب ، فإنه ثابت في التوراة والإنجيل ، تماما كما جاء في القرآن.
(لَقَدْ جاءَكَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلا تَكُونَنَّ مِنَ المُمْتَرِينَ وَلا تَكُونَنَّ مِنَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِ اللهِ فَتَكُونَ مِنَ الْخاسِرِينَ). المراد بالامتراء الشك ، والمعنى بلّغ الناس يا محمد ان من يشك أو يكذب بالحق الذي أنزل اليك فهو من المعذبين الخاسرين يوم القيامة .. وعبّر سبحانه عن هذا المعنى بنهي النبي عن الشك والتكذيب ليقول محمد (ص) للناس : أنا بشر مثلكم وواحد منكم أحاسب وأعاقب كأي انسان يشك أو يكذب بآيات الله إذا أنا شككت وكذبت .. وهذا الأسلوب هو أبلغ الأساليب وأنجحها في الدعوة الى الحق الذي تتساوى أمامه جميع الناس.
(إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَتُ رَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ وَلَوْ جاءَتْهُمْ كُلُّ آيَةٍ حَتَّى