المعنى :
(وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللهُ بِضُرٍّ فَلا كاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ). قد يتضرر الإنسان بما كسبت يداه ، كما لو أقدم مختارا على الإضرار بنفسه ، أو ترك العمل مع قدرته عليه ، أو أقدم على عمل ما هو بأهل له ، وقبل ان يعد له العدة ، وهذا الضرر لا تصح نسبته إلى الله لأنه تعالى أمر بالعمل والاعداد له ، ونهى عن الإضرار بشتى أنواعه. وقد يتضرر الإنسان بسبب الأوضاع الفاسدة في المجتمع الذي يعيش فيه ، وهذا أيضا لا ينسب إلى الله ، لأنه تعالى نهى عن الفساد ، وأمر بالصلاح والإصلاح. وقد يتضرر الإنسان لا من كسبه ولا من مجتمعه ، كما لو ولد ناقص الخلقة ، أو كان بليدا لا استعداد فيه للعلم والمعرفة ، مهما جد واجتهد ، أو نزلت عليه صاعقة من السماء ، وما إلى ذلك ، وهذا النوع من الضرر هو المراد بقوله تعالى : (وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللهُ بِضُرٍّ فَلا كاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ) مع العلم بأنه لو شاء سبحانه أن يكشف الضر من أية جهة أتى لانكشف وزال ، لأنه على كل شيء قدير.
(وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلا رَادَّ لِفَضْلِهِ يُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ). قدمنا ان الضرر لا تصح نسبته إلى الله تعالى بقول مطلق ، أما الخير فتصح نسبته اليه بشتى أنواعه ، سواء أكان لعمل الإنسان تأثير فيه ، أم لم يكن ، لأنه تعالى يريد الخير ويأمر به ، وهو الذي أقدر الإنسان عليه (وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) ورحمته وسعت كل شيء ، تماما كعلمه وقدرته.
(قُلْ يا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جاءَكُمُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنِ اهْتَدى فَإِنَّما يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّما يَضِلُّ عَلَيْها وَما أَنَا عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ). ويتلخص معنى هذه الآية بقوله تعالى : (كُلُّ امْرِئٍ بِما كَسَبَ رَهِينٌ) ـ ٢١ الطور» ، وتقدم نظيرها في سورة الأنعام الآية ١٠٤ ج ٣ ص ٢٣٨.
(وَاتَّبِعْ ما يُوحى إِلَيْكَ وَاصْبِرْ حَتَّى يَحْكُمَ اللهُ وَهُوَ خَيْرُ الْحاكِمِينَ). هذه الآية تحدد وظيفة الرسول بتبليغ الوحي ، والعمل به ، والصبر على ما يلاقيه في سبيل ذلك من أذى المكذبين إلى أن يظهر الله دينه ، ويعلي كلمته .. وهذه هي مهمة كل من ينوب عن المعصوم في تبليغ أحكام الله ونشرها.