المعنى :
(وَما مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللهِ رِزْقُها). خلق سبحانه الأرض ، وأودع فيها ما يحتاجه كل حي يدب عليها من الذرّة والبعوضة إلى الفيل والإنسان ، وايضا أودع في كل من دبّ القدرة على السعي لتحصيل رزقه من الأرض ، وعلى هذا يكون معنى الآية ان الله قد جعل لكل حي رزقا مدخورا في الأرض ، وليس معناها ان الله قدّر لكل حي رزقه الخاص به الذي لا يزيد بالسعي ، ولا ينقص بتركه ، كما توهم البعض ، قال صاحب «تفسير المنار» : «لقد زعم بعض العباد والشعراء ان الكسب وعدمه سواء ، كقول بعض الجاهلين المتواكلين غير المتوكلين :
جرى قلم القضاء بما يكون |
|
فسيان التحرك والسكون |
جنون منك ان تسعى لرزق |
|
ويرزق في غشاوته الجنين |
ان هذا الشاعر «أحق بالجنون ممن يسعى لرزقه». وتراجع فقرة : «الله أصلح الأرض والإنسان أفسدها» ج ٣ من هذا التفسير ص ٣٤٠ ، وفقرة : «هل الرزق صدفة أو قدر ص ١٣١» ، وفقرة : «الرزق وفساد الأوضاع ص ٩٤».
(وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّها وَمُسْتَوْدَعَها كُلٌّ فِي كِتابٍ مُبِينٍ). المستودع المكان الذي كانت فيه قبل ان تدب على الأرض ، والمستقر الذي قرت فيه بعد الدبيب ، والكتاب المبين كناية عن ان الله قد أحاط بكل شيء علما ، والمعنى ان الله يوجد أسباب العيش والحياة لكل دابة ، حيث كانت وتكون لأنه قادر على كل شيء ، عالم بكل شيء.
(وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ). تقدم مثله مع التفسير في سورة الأعراف الآية ٥٤ ج ٣ ص ٣٣٨.
(وَكانَ عَرْشُهُ عَلَى الْماءِ) المراد بعرش الله ملكه واستيلاؤه ، والماء معروف ، وتدل الآية على ان الماء كان موجودا قبل خلق السموات والأرض ، أما من أين