الى الناس ، والمعنى ان الذي قصصناه عليك من أنباء الرسل مع أقوامهم هو حق لا ريب فيه ، وان الغرض منه أن نخفف عنك ما تلاقيه من الأذى ، فإن من رأى مصيبة غيره خفّت مصيبته ، وأيضا في هذه القصص عظة وعبرة لمن يتعظ ويعتبر.
وتجدر الاشارة الى أن المؤرخين القدامى كانوا يهتمون بالأحداث السياسية والدولية ، ثم اهتم الجدد بالاقتصاد والعلم والفن والأدب وغيره من نشاط الإنسان ، أما القرآن الكريم فإنه يستخلص من الأحداث العبر والعظات التي تهدي الإنسان الى سواء السبيل ، وقوله تعالى : (وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرى) صريح في ذلك ، ومثله (إِنَّ فِي ذلِكَ لَعِبْرَةً لِمَنْ يَخْشى).
(وَقُلْ لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ اعْمَلُوا عَلى مَكانَتِكُمْ إِنَّا عامِلُونَ) مر نظيره في الآية ١٣٥ من سورة الأنعام ج ٣ ص ٢٦٧. (وَانْتَظِرُوا إِنَّا مُنْتَظِرُونَ) أيضا مر في الآية ١٥٨ من سورة الأنعام ج ٣ ص ٢٨٩.
(وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) فكل سر عنده علانية ، وكل غيب عنده شهادة. وفي معنى هذه الآية قوله تعالى : (وَعِنْدَهُ مَفاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُها إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ ما فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَما تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُها وَلا حَبَّةٍ فِي ظُلُماتِ الْأَرْضِ وَلا رَطْبٍ وَلا يابِسٍ إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ) ـ ٥٩ الأنعام» ج ٣ ص ١٩٩.
(وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ) ولا شيء يستطيع الهرب من سلطانه (فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ) الفاء للتفريع على ما قبلها أي إذا كان هذا شأنه جل وعلا فهو جدير بالعبادة والاعتماد عليه دون غيره ، وأمر الركوع والسجود سهل يسير ، أما الثقة بالله ، والإعراض عمن سواه فصعب وعسير الا على المتقين (وَما رَبُّكَ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ) فيجزي الذين أساءوا بما عملوا ويجزي الذين أحسنوا بالحسنى. وفي نهج البلاغة : فلا تغفل فلست بمغفول عنك .. فيا حسرة على ذي غفلة أن يكون عمره عليه حجة. والله سبحانه المسئول أن يعصمنا عما تعقبه الندامة والكآبة.