المعنى :
(الر) تقدم الكلام عن مثله في أول سورة البقرة (تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْمُبِينِ). تلك اشارة الى آيات هذه السورة ، والكتاب المبين هو القرآن ، وانما وصف بالمبين لأنه ظاهر على نبوة محمد (ص) ، ومظهر للهداية والرشاد.
(إِنَّا أَنْزَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ). المعنى ظاهر ، وهو ان الله سبحانه أنزل القرآن بلغة العرب ليدركوا سره وعظمته ، ويعقلوا معانيه ، ويعملوا بها. وتسأل : ان محمدا (ص) أرسل لجميع الناس كما قالت الآية ٢٨ من سورة سبأ ، ونزول القرآن باللغة العربية يشعر بأن محمدا مرسل إلى العرب خاصة ، دون غيرهم ، فما هو طريق الجمع بين الآيتين؟.
الجواب : أولا ان نزول القرآن بالعربية لا يستدعي أن يكون العرب وحدهم مكلفين بأحكامه وتعاليمه ، فالقرآن والمؤمنون به يصدقون بالتوراة التي أنزلت على موسى (ع) ، وبالإنجيل الذي أنزل على عيسى (ع) ، مع ان لغتهما غير لغة القرآن ومن آمن بالقرآن.
ثانيا : ان اللغة وسيلة ، والمعاني هي الغاية ، ومحال ان تكون المعاني كاللغة وقفا على قوم دون آخرين ، فإن القيم الانسانية يؤمن بها الناس ، كل الناس ، وبكلمة ان القوميات تتعدد بتعدد اللغات ، أما المعاني فمشاع بين الجميع ، لا قومية لها ولا جنسية.
ثالثا : إذا لم يرسل النبي بلغة قومه فبأية لغة يخاطبهم ، مع العلم بأنه لا توجد لغة إنسانية تعرفها جميع القوميات ، وهنا يكمن السر في قوله تعالى : (وَما أَرْسَلْنا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ) ـ ٤ ابراهيم».
(نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِما أَوْحَيْنا إِلَيْكَ هذَا الْقُرْآنَ). المراد بالقصص أنباء الرسل التي جاءت في القرآن الكريم ، وهي أحسن الأنباء لما فيها من العبر والحكم. (وَإِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الْغافِلِينَ) عن هذه الأنباء ، لأنها حدثت مند قرون ، وهي مجهولة على وجه العموم. وهذا دليل قاطع على انها وحي من الله. وما كانت معلومات النبي قبل الوحي تعد شيئا بالقياس الى علمه