العادة إذا أخذ الإنسان من خلفه أن يتمزق ثوبه من هذه الجهة ، وإذا أخذ من أمامه أن يتمزق من الأمام ، وبهذا توصل قريب امرأة العزيز الى التمييز بين الصادق والكاذب.
وبهذه المناسبة نشير الى ان ما يمكن الاعتماد عليه لمعرفة الحق المتنازع فيه ينحصر في ثلاثة أنواع :
النوع الأول : كل ما من شأنه أن يفيد العلم بالضرورة واللزوم العقلي ، مثل أن يدعي من بلغ الأربعين انه ابن أو أب لمن هو في هذه السن أو ما دونها بقليل ، أو يدعي بأنه ورث عن أبيه هذه البناية مع العلم بأن أباه عاش ومات فقيرا ، ولم يترك شيئا لوراثه .. وهذه الدعوى وأمثالها ترفض ابتداء ، ولا يفتقر ردها الى نص من الشارع ، لأنها مردودة بطبعها ، وبالاحساس الغريزي عند كل انسان ، ويحكم على مدعيها بكل ما يستدعيه الرد ويلزمه من الآثار.
النوع الثاني : ما نص الشارع صراحة على العمل به ، والاعتماد عليه في الحكم كالاقرار واليد وشهادة العدلين ، ويسمى هذا النوع في اصطلاح فقهاء الشريعة الاسلامية ، بالبينة الشرعية ، وعند أهل الشرائع الوضعية بالقرينة القانونية ، واتفق الجميع على ان القاضي يجب عليه أن يتعبد ويحكم بما نص عليه الشارع ، سواء أحصل له العلم منه ، أم لم يحصل.
النوع الثالث : ما يستخرجه القاضي باجتهاده وذكائه من القرائن التي ترافق موضوع الدعوى وظروفها ، وهي لا تدخل تحت حصر ، لأنها قرائن خاصة تستنتج من دعوى خاصة. وبديهة ان لكل دعوى موضوعها وظروفها ، ولكل قاض فهمه واجتهاده .. ومن هذه القرائن ان كان قميصه قدّ من قبل الخ ، ومنها أيضا ما نسب لسليمان بن داود ، أو الإمام علي (ع) من الحكم بين المرأتين اللتين ادعتا الولد ، وقوله : ائتوني بسكين أشقه بينهما ، فسمحت إحداهما دون الأخرى ، فقضى به لهذه.
وأغرب ما قرأته في هذا الباب ما نقله «الشاطبي» في «الموافقات» ج ٢ ص ٢٦٧ المسألة الحادية عشرة : «ان أبا بكر أنفذ وصية رجل بعد موته برؤيا