مجزوم بجواب الطلب ، وهو القوة ، وبصيرا حال من أبي ، وأجمعين حال من لأهلكم.
المعنى :
(فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَيْهِ قالُوا يا أَيُّهَا الْعَزِيزُ مَسَّنا وَأَهْلَنَا الضُّرُّ وَجِئْنا بِبِضاعَةٍ مُزْجاةٍ فَأَوْفِ لَنَا الْكَيْلَ وَتَصَدَّقْ عَلَيْنا إِنَّ اللهَ يَجْزِي الْمُتَصَدِّقِينَ) أوصى يعقوب بنيه أن يعودوا الى مصر ، فقبلوا منه ، وعادوا اليها مرة ثالثة .. ودخلوا على العزيز منكسرين مسترحمين ، وبدأوا بالشكوى من الجهد والمجاعة .. مسنا وأهلنا الضر .. تصدق علينا .. ان الله يحب المتصدقين .. وإذا جئناك ببضاعة لا تليق فلأن الدهر غير مؤات .. قالوا هذا ، وهم أحفاد ابراهيم الخليل (ع) ، ولكن الشدة بلغت غايتها .. وجاءت النتيجة فوق ما يتصورون ، وهذه هي:
(قالَ هَلْ عَلِمْتُمْ ما فَعَلْتُمْ بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ إِذْ أَنْتُمْ جاهِلُونَ). بعد ان استمع يوسف لاستعطاف اخوته وتضرعهم ، وعرف بؤس أهله وحاجتهم رقّ وتغلبت عليه عاطفة الرحم وقرابة الدم ، وقال لهم معاتبا أو واعظا : أتذكرون يوما استجبتم فيه لدعوة الشيطان ؛ فألقيتم بأخيكم يوسف في غيابة الجب ، وأذقتم أخاه بنيامين من بعده صنوف الأذى؟. ألم تقولوا بالأمس القريب : «ان يسرق فقد سرق أخ له من قبل؟. وهل يفعل الجاهل أكثر من فعلكم هذا؟.
(قالُوا أَإِنَّكَ لَأَنْتَ يُوسُفُ). وللمفسرين هنا كلام لا يتحمله لفظ الآية ، ولكنه يتفق مع طبيعة الموضوع ، ويساعد الاعتبار عليه ، وملخصه ان اخوة يوسف حين قال لهم ما قال تذكروا ما كانوا يعرفونه من ملامح وجهه ، ونبرات صوته ، وإشارات يده .. ومهما يكن فقد التمع في خاطرهم أو خاطر بعضهم انه يوسف (قالُوا أَإِنَّكَ لَأَنْتَ يُوسُفُ). قالوا هذا وانتظروا الجواب ، فكانت المفاجأة التي لا تخطر على بال (قالَ أَنَا يُوسُفُ وَهذا أَخِي قَدْ مَنَّ اللهُ عَلَيْنا) .. وأريد من القارئ أن يقف هنا قليلا ، ويقارن بين موقفهم هذا الضعيف الذليل ، وبين موقفهم يوم ألقوا يوسف في الجب ، لا يأخذهم فيه دين ولا رحم .. ولا