٧ ـ (وَيَدْرَؤُنَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أُولئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ). المراد بالحسنة هنا العفو والصفح ، وبالسيئة الحق الخاص يكون بين اثنين كالقصاص ، قال تعالى : (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصاصُ فِي الْقَتْلى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثى بِالْأُنْثى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّباعٌ بِالْمَعْرُوفِ) ـ ١٧٨ البقرة». أما حق الله فلا هوادة فيه ، قال تعالى : (وَلا تَأْخُذْكُمْ بِهِما رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ) ـ ٢ النور».
(جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَها وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبائِهِمْ وَأَزْواجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ). كل الصالحين والطيبين يدخلون الجنة ، وإذا كانوا في الدنيا أرحاما وأحبابا يزدادون فرحا وسرورا بجمع الشمل ، ويتذكرون أيام الدنيا ، ويشكرون الله على الخلاص من همومها وأعبائها ، وإذا اختلفت الأعمال في الخير والشر تقطعت الأنساب والأسباب بينهم يومئذ ، ولا يتساءلون : «فريق في الجنة وفريق في السعير».
(وَالْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بابٍ سَلامٌ عَلَيْكُمْ بِما صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ). يزور الملائكة أهل الجنة تكريما وتعظيما. وقوله : بما صبرتم يومئ إلى أن الجنة محرمة إلا على من جاهد وصبر وتحمل متاعب الجهاد ومشاقه. قال الإمام علي (ع) : «الجنة حفت بالمكاره ، والنار حفت بالشهوات ، واعلموا انه ما من طاعة الله شيء إلا يأتي في كره ، وما من معصية الله شيء إلا يأتي في شهوة».
(وَالَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللهِ مِنْ بَعْدِ مِيثاقِهِ). بعد ان ذكر سبحانه الصالحين وأوصافهم ، وما أعد لهم من حسن الثواب والمآب ذكر الفاسدين والمفسدين .. وبالتعبير الدارج بعد أن ذكر أنصار الثورة على الفساد ذكر أنصار الثورة المضادة ، وطبيعي أن يكون هؤلاء في صفاتهم وأعمالهم على الضد من أولئك ، فالصالحون يوفون بعهد الله ، فيعملون بوحي من العقل والضمير وبكل ما دل عليه الدليل والمفسدون ينقضون عهده جل وعلا فيعملون بوحي من الشيطان ، يلبسون الحق بالباطل ، ويكتمون الحق وهم يعلمون (وَيَقْطَعُونَ ما أَمَرَ اللهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ). فيتولون الطغاة المجرمين ، ويناصرونهم على الأحرار الطيبين ، تماما على العكس مما أمر الله به ، ونهى عنه.
(وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ) بمظاهرة الظالم الغاشم ، وإثارة الفتن والقلاقل ،