عصرنا هتلر وموسوليني ، وتفكر بها اليوم وفي عصر الفضاء الدول الاستعمارية بقيادة أمريكا ، وكفى دليلا على ذلك انها تضغط بكل قواها على أعضاء الأمم المتحدة كي يتجاهلوا أية قضية تمت الى العدالة بسبب ، فإذا فشلت في هذا الميدان وقفت موقفا صريحا ومعاديا لكل شعب يطلب العدل والانصاف من المعتدين عليه ، وناصرت الظلم والطغيان أينما كان ويكون ، وسواء أجاء من إسرائيل أم البرتغال أم الحكومة العنصرية في روديسيا وجنوب افريقيا ، أو غيرها .. والسر هو اخلاص الولايات المتحدة لطبيعتها أو لنظامها كقائد للاستعمار الحديث في هذا العصر ، ومصير هذه القيادة تماما كمصير النازية الهتلرية وغيرها ، وقد ظهرت الدلائل في فيتنام ، أما الاستياء من سياسة المستعمرين فقد عم الشرق والغرب ولن يمر هذا الاستياء دون أن يترك أثره الفعال.
وكنت من قبل أعجب من بعض الناس كيف يستهينون بالطيبين المخلصين ، ولا يقدرونهم حق قدرهم ، وكيف يرونهم كغيرهم من الأناس العاديين ، حتى ولو أتوا بالعجب العجاب ، وضحوا بأعز ما يملكون من أجل احقاق الحق ، عجبت من ذلك حتى وصلت بالتفسير الى هذه الآية فأدركت ان هذا التفكير ليس مقصورا على من أفسد وطغى بالفعل ، فإن كثيرا من الناس قد أسقطوا من حسابهم جميع الفضائل والقيم ، ولم يقيموا وزنا الا للكسب والربح تماما كغيرهم من الذين حاربوا محمدا ، ووقفوا في هيئة الأمم ومجلس الأمن في جانب إسرائيل وعدوانها سوى ان هؤلاء تمهد لهم السبيل الى الفساد والطغيان فسلكوه ، ولما عجز عنه الذين يستهينون بالخير وأهله وقفوا موقف الحياد.
(أَفَلَمْ يَيْأَسِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنْ لَوْ يَشاءُ اللهُ لَهَدَى النَّاسَ جَمِيعاً). قال الطبري : اختلف أهل المعرفة بكلام العرب في معنى قوله تعالى : أفلم ييئس .. ثم قال : والصواب إن تأويل ذلك أفلم يتبين ، ونقل هذا التفسير عن جماعة كثر ، منهم الإمام علي (ع). ونحن من الذين يؤمنون بأن أهل البيت أدرى بالذي فيه. ومهما يكن فإن المقصود بالذين آمنوا صحابة الرسول الأعظم (ص) حيث تمنوا متلهفين ان يؤمن المشركون بالله ورسوله ، فقال لهم جلت عظمته : إلى متى تطمعون في إيمان المشركين؟. ألم تعلموا وتتبينوا انهم لا يؤمنون بحال حتى ولو كلمهم