كلها مجتمعة في شخص هذا الحاكم الغاشم .. وفي معنى كلمة الإمام علي هذه أحاديث عن الرسول الأعظم (ص). وكل ما عند علي أمير المؤمنين فهو شعاع من شمس محمد سيد الخلق أجمعين.
ولا شيء أدل على ان المراد بالكلمة الطيبة الكلمة المفيدة النافعة من تشبيهها بالشجرة الطيبة التي (أَصْلُها ثابِتٌ) لا تزعزعه الأعاصير ، ولا تقوى عليه المعاول (وَفَرْعُها فِي السَّماءِ) بعيد عن أوباء الأرض وأقذارها (تُؤْتِي أُكُلَها كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّها) فلا تجود آنا ، وتبخل آنا ، كالتاجر يعطيك ان دفعت ، ويمسك ان أمسكت ، بل هي تعطي أبدا ودائما (وَيَضْرِبُ اللهُ الْأَمْثالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ) فيشبه المعنى الغامض بالمعنى الواضح ليفهم الناس ، كل الناس طريق الهدى فيتبعوه ، وطريق الضلال فيجتنبوه.
(وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ). كل كلمة تضر الناس ولا تنفعهم فهي خبيثة لعينة ، سواء أكانت من مسلم ، أم من غير مسلم عظيم أم حقير ، بل ان سكوت الكبير عن مقاومة الباطل ، ومناصرة الحق يعد من أعظم الجرائم ، وفي الحديث : الساكت عن الحق شيطان أخرس ، وكتب غاندي الى طاغور : «انك شاعر عظيم ، ولكنك تلعب والبيت يحترق .. ان الأغنية الجميلة لا تشبع جائعا ، ولا تشفي مريضا». (اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ ما لَها مِنْ قَرارٍ). هذا أصدق مثل للباطل وأهله الذين يتعالون ويتعاظمون ، ويخيل للجاهل انهم شيء ضخم ، وما هم الا كشجرة بلا أصول وجذور ، فسرعان ما يصبح عاليها سافلها إذا هبت الريح.
(يُثَبِّتُ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الْآخِرَةِ). ليس المراد بالمؤمنين من قال : آمنت بالله ورسوله واليوم الآخر ، ثم لم يقم حقا أو يدفع باطلا ، بل المراد بالمؤمنين هنا من عناهم الله بقوله : (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتابُوا وَجاهَدُوا بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللهِ أُولئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ) ـ ١٥ الحجرات». آمنوا وأعربوا عن ايمانهم بالجهاد والفداء. أما إذا ادعوا الايمان بالله ، ولم يقاوموا الظلم والفساد بجرأة وشجاعة فهم مرتابون لا مؤمنون.