مخلف مفعول ثان لتحسبن ، وفي الوقت نفسه يحتاج (مُخْلِفَ) الى مفعولين لأنه اسم فاعل بمعنى أخلف ، وقد أضيف الى المفعول الثاني ، وهو وعده ، ومفعوله الأول رسله ، والأصل مخلف رسله وعده ، ومثله هذا معطي درهم زيدا ، والأصل هذا معطي زيد درهما. يوم تبدّل (يوم) مفعول لفعل محذوف أي اذكر يوم تبدّل. والأرض مفعول أول نائب عن الفاعل ، وغير مفعول ثان لأن تبدّل هنا بمعنى تجعل ، والسموات بالرفع عطف على الأرض الأولى ، وغير السموات محذوفة لدلالة ما قبلها عليها. ومقرنين حال من المجرمين لأن ترى هنا بصرية ، وليست قلبية لتتعدى الى مفعولين.
المعنى :
(وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِنْدَ اللهِ مَكْرُهُمْ وَإِنْ كانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبالُ). ما أرسل الله سبحانه رسولا الى قومه الا مكر به وتآمر عليه أهل الفساد والضلال من عهد نوح الى عهد محمد (ص) : (وَكَذلِكَ جَعَلْنا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَياطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُوراً) ـ ١١٢ الأنعام» ، ولا تنحصر أسباب العداء بالتضاد بين الايمان والإلحاد ، وبين الشرك والتوحيد .. كلا ، فإن هذا العداء مظهر لمعنى كلي ومبدأ عام ، وهو العداء بين دعوة الحق وأهل الباطل في كل زمان ومكان .. وبالتعبير الشائع في هذا العصر : العداء والتناقض بين الثورة والثورة المضادة .. وأيا كان سبب المكر والتآمر ، ومهما بلغ من القوة والشدة ، حتى ولو أزاح الجبال الرواسي من مواضعها فإن الله عليم به ويجزي أهله بما يستحقون.
ونشير بهذه المناسبة الى ان كثيرا من الرجال ينعتون النساء بالكيد والمكر ، ويستشهدون بالآية ٢٨ من سورة يوسف : «ان كيدكن عظيم» .. وللنساء ان يجبن الرجال بأن مكرهم لتزول منه الجبال ويستشهدن بهذه الآية .. هذا ، الى ان وصف النساء بالكيد جاء في القرآن الكريم على لسان عزيز مصر ، أما وصف الرجال بالمكر الذي يزيل الجبال فقد جاء على لسان الله بالذات. ومن الطريف ان بعض الرجال يستدل على مكر النساء وشدته بالآية التي نزلت في حق الرجال ،