ذلك لنتعظ ونعتبر كيف كان عاقبة المكذبين بالحق ، وكل ما جاء في هذه الآيات التي نحن بصددها قد سبق ذكره مفصلا في سورة هود ، وكذا جاء في المقطع السابق المتعلق بإبراهيم (ع) ، ومن أجل هذا نختصر في تفسير هذه الآيات كما اختصرنا في تفسير الآيات السابقة.
(فَلَمَّا جاءَ آلَ لُوطٍ الْمُرْسَلُونَ). خرج الملائكة من عند ابراهيم وتوجهوا الى لوط ، فلما دخلوا عليه ظنهم ضيوفا ، فضاق بهم ذرعا خوفا عليهم من قومه الفجرة (قالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ مُنْكَرُونَ). لا أعرفكم ولا أعرف ما ذا تريدون .. وكيف دخلتم هذا البلد ، وأهله مشهورون بما يفعلون؟.
(قالُوا بَلْ جِئْناكَ بِما كانُوا فِيهِ يَمْتَرُونَ وَأَتَيْناكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّا لَصادِقُونَ). كشف الملائكة للوط عن حقيقتهم ، وعن المهمة التي جاءوا من أجلها ، وهي إهلاك قوم لوط ، فقد كانوا يأتون الرجال شهوة من دون النساء ، وكان نبيهم لوط يحذرهم وينذرهم بعذاب من السماء ، فيشكون ويسخرون .. فقال الملائكة للوط : لقد جئناك بالعذاب الذي حذرتهم منه ، وكذبوك فيه ، وانه واقع لا محالة (فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ وَاتَّبِعْ أَدْبارَهُمْ وَلا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ وَامْضُوا حَيْثُ تُؤْمَرُونَ). بعد ان أخبروه بوقوع العذاب أمروه أن ينجو بنفسه وأهله ، وذلك بأن يسير بهم قبل الصبح على ان يكون هو في مؤخرتهم يرعاهم ويتفقدهم ، ولا يدع أحدا يلتفت الى الوراء لئلا يرى العذاب فيجزع ويفزع. (وَقَضَيْنا إِلَيْهِ ذلِكَ الْأَمْرَ أَنَّ دابِرَ هؤُلاءِ مَقْطُوعٌ مُصْبِحِينَ). أوحى الله الى لوط بأنه سيستأصل الكافرين وقت الصباح عن آخرهم ، ولا يبقى منهم عينا ولا أثرا.
(وَجاءَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ يَسْتَبْشِرُونَ). قصد الفسقة الفجرة أضياف لوط فرحين يبشر بعضهم بعضا بهذه الغنيمة الباردة ، واسودت الدنيا في وجه لوط ، حيث لم يكن قد عرف حقيقة أضيافه بعد ، فخاطب قومه برفق (قالَ إِنَّ هؤُلاءِ ضَيْفِي فَلا تَفْضَحُونِ وَاتَّقُوا اللهَ وَلا تُخْزُونِ). خوّفهم من الله ، ولا شيء أهون عليهم منه ، واستنجد بمروءتهم ان يفضحوه ويخزوه في ضيفه ، وهم أبعد الخلق عن المروءة والانسانية.
(قالُوا أَوَلَمْ نَنْهَكَ عَنِ الْعالَمِينَ). أرأيت الى هذه الصلافة والوقاحة؟. أصبحوا