الإعراب :
سبحانه منصوب على المصدرية. ومن أمره أي بأمره. وان أنذروا (ان) مفسرة بمعنى أي. وضمير انه للشأن ، وهو اسم ان ، وجملة لا إله إلا الخ خبر ، والمصدر من ان واسمها وخبرها مجرور بالباء المحذوفة. فاتقون أصلها فاتقوني.
المعنى :
(أَتى أَمْرُ اللهِ فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ). كان النبي ينذر المشركين ويخوّفهم من عذاب أليم ، وكانوا يجيبونه بالسخرية ويستعجلونه العذاب ، ويقولون له : (فَأَمْطِرْ عَلَيْنا حِجارَةً مِنَ السَّماءِ أَوِ ائْتِنا بِعَذابٍ أَلِيمٍ) ـ ٣٢ الأنفال». فأجابهم سبحانه بأن عذاب الله آت ، وكل آت قريب. وعبّر سبحانه عما يأتي في المستقبل بصيغة أتى الدالة على وقوع الفعل لأن العذاب واقع لا محالة ، وكل ما كان واجب الوقوع فالحال والماضي والاستقبال فيه سواء. وسيقال لهم غدا : هذا الذي كنتم به تستعجلون .. ولا جواب الا ان قالوا : يا ويلنا قد كنا في غفلة من هذا بل كنا ظالمين.
(يُنَزِّلُ الْمَلائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلى مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ أَنْ أَنْذِرُوا أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا أَنَا فَاتَّقُونِ). المراد بالروح هنا الوحي لأنه للنفوس تماما كالأرواح للأبدان ، ومحصل المعنى ان الله يصطفي لرسالته من هو أهل لها ، وتتلخص هذه الرسالة بالتوحيد عقيدة ، والاستقامة عملا ، لأن كل من اتقى الله فهو على صراط الأمان والاستقامة ، وكل من عصاه فهو على صراط الهلاك والضلالة.
(خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ تَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ) بعد ان ذكر سبحانه في الآية السابقة انه لا إله إلا هو أشار في هذه الآية الى الدليل على ذلك ، وهو ان الله خلق السموات والأرض ، وأحكم خلقهما ، ولم يعنه على ذلك معين ، والخلق من لا شيء بهذا الأحكام والإبداع دليل الألوهية ، كما ان التفرد بالخلق دليل الوحدانية. انظر ج ٢ ص ٣٤٤ فقرة : «دليل التوحيد والأقانيم الثلاثة».