سبحانه ان من فوائد الأنعام المأكل والملبس ذكر انها وسيلة للمواصلات ، ونقل الأثقال والأحمال من بلد الى بلد ، ولولاها لتحمل الإنسان المتاعب والمشاق (إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ) ومن رأفته ورحمته تسخير الأنعام لتيسير المصالح وتخفيف الآلام.
(وَالْخَيْلَ وَالْبِغالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوها وَزِينَةً) بعد ان ذكر سبحانه منافع الأنعام الثلاث أشار الى منافع الخيل والبغال والحمير ، وأهمها الركوب والزينة في ذاك العصر (وَيَخْلُقُ ما لا تَعْلَمُونَ). وقد فسر هذه الجملة كل عالم من خلاله عصره وحياته ، فبعض القدامى قال : المراد ان الله يخلق من أنواع الحيوان والنبات والجماد الكثير الكثير مما لا يعلمه الناس. وقال الطبري : المعنى ان الله يخلق لأهل الجنة من أنواع النعيم ، ولأهل النار من أنواع العذاب ما لا عين رأت ، ولا أذن سمعت ، ولا خطر على قلب بشر .. وقال بعض المفسرين الجدد ، ومنهم الشيخ المراغي ، قالوا : «هذه اشارة الى الطيارة والسيارة ونحوهما». والمعنى المناسب للسياق ـ فيما نرى ـ ان الله سبحانه بعد ان ذكر هذه المنافع وامتن بها على عباده قال : ان هذا قليل من كثير ، وان هناك منافع لا تعلمونها ولا يبلغها الإحصاء ، ومنها الطيارة والسيارة ، وبكلمة ان قوله : ويخلق ما لا تعلمون أشبه بقوله : وان تعدوا نعمة الله لا تحصوها.
ونقل الشعراني في ميزانه عن أبي حنيفة تحريم لحوم الخيل ، وعن الشافعي ومالك وابن حنبل التحليل ، أما عن لحوم البغال والحمير فنقل تحريمها عن الشافعي وأبي حنيفة وابن حنبل ، وكراهيتها عن مالك. وقال الشيعة الامامية : تحل لحوم الخيل والبغال والحمير على كراهية.
(وَعَلَى اللهِ قَصْدُ السَّبِيلِ). على هنا للوجوب ، مثلها في الآية ١٢ من الليل : (إِنَّ عَلَيْنا لَلْهُدى). والمعنى ان الله سبحانه كتب على نفسه أن يبين للناس على لسان رسله طريق الحث والهداية (وَمِنْها جائِرٌ) ضمير منها يعود الى السبيل لأن السبيل تؤنث وتذكر ، أي ان من الطرق ما هو مستقيم كالاسلام. ومنها ما هو مائل معوج كغيره من الأديان (وَلَوْ شاءَ لَهَداكُمْ أَجْمَعِينَ) أي لو أراد الله ان يلجئ الناس الى الايمان قهرا عنهم لما كفر واحد منهم ، ولكنه تعالى ترك الإنسان