وَلا حَرَّمْنا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ). سبق نظيره مع التفسير في الآية ١٤٨ من سورة الأنعام ج ٣ ص ٢٧٧.
(كَذلِكَ فَعَلَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ). هذا هو مبدأ الطغاة في كل زمان ومكان ينكرون الحق ويحاربون المحقين ، ثم يحيلون ذلك الى مشيئة الله (فَهَلْ عَلَى الرُّسُلِ إِلَّا الْبَلاغُ الْمُبِينُ) هذه هي مهمة الرسل تبليغ الأوامر والنواهي عن الله تعالى ، أما العمل بها فليس من وظيفتهم في كثير أو قليل. وسبق هذا المعنى في كثير من الآيات.
(وَلَقَدْ بَعَثْنا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ). تدل هذه الآية على ان الله سبحانه قد أرسل لكل أمة في كل قرن وقطر رسولا يأمرها بعبادة الله وحده ، وينهاها عن عبادة غيره صنما كان أو كوكبا أو إنسانا ، أو أي شيء ، وليس من الضروري ان يكون هذا الرسول بشرا ، فان العقل رسول من الداخل ، كما ان النبي رسول من الخارج. انظر «الله والفطرة» ج ٣ ص ١٨٨.
(فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللهُ وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلالَةُ). المراد بالضلالة هنا كلمة العذاب ، مثلها في قوله تعالى : (وَفَرِيقاً حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلالَةُ) ـ ٢٩ الأعراف» .. أرسل الله سبحانه رسلا مبشرين ومنذرين ، فآمن قوم وكانوا من المهتدين المقربين عند الله ، وكفر آخرون وكانوا من المبعدين المعذبين (فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ). الخطاب موجه الى مشركي قريش الذين كذبوا محمدا (ص) ، وقد أمرهم الله بأن ينظروا آثار غضبه وعذابه فيمن كذبوا رسلهم من الأمم الماضية ليعتبروا ويتعظوا ، وتكرر هذا المعنى في الكثير من الآيات ، منها الآية ١٣٧ من آل عمران ج ٢ ص ١٥٩.
(إِنْ تَحْرِصْ عَلى هُداهُمْ فَإِنَّ اللهَ لا يَهْدِي مَنْ يُضِلُّ وَما لَهُمْ مِنْ ناصِرِينَ). ليس من شك ان رسول الله (ص) يحرص على هداية كل الناس بخاصة قومه قريشا ، ولكن مجرد حرص النبي ليس سببا لوجود الهداية ، وانما السبب هو رغبة الإنسان في الهدى وقدرته عليه ، كما ان السبب لوجود الضلال رغبته فيه وقدرته عليه ، وأقر الله سبحانه وتعالى كلا من هذين السببين بمعنى انه جلت