الإعراب :
ألا في الفتنة (ألا) أداة تنبيه. وتربصون أصلها تتربصون. والمصدر المنسبك من أن يصيبكم مفعول نتربص.
المعنى :
(وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ ائْذَنْ لِي وَلا تَفْتِنِّي) أجمع المفسرون على أن رسول الله (ص) لما دعا إلى غزوة تبوك قال له جد بن قيس ـ وكان من شيوخ المنافقين ـ : ائذن لي يا رسول الله في القعود ، فإني رجل أحب النساء وأخشى إن أنا رأيت الروميات أن أفتتن بهن .. فنزلت الآية .. زعم هذا المنافق أنه يخاف الإثم بالتعرض للنساء إذا غزا مع النبي (ص) ولم يتأثم من التعرض لغضب الله ورسوله (أَلا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا) أي زعموا الفرار من الإثم فوقعوا فيما فروا منه ، أو أشد (وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكافِرِينَ) من جميع الجهات ، ولا يجدون عنها محيصا .. لقد دعاهم الرسول إلى الخلاص بالتوبة من ذنوبهم التي أحاطت بهم من كل جهة ، فرفضوا دعوته ، فأحاط بهم العذاب من كل جانب.
(إِنْ تُصِبْكَ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ) كما هو شأن الخبيث اللئيم يموت بغيظه إذا أصاب الطيبون الأبرار ما يحبون ، ويطير فرحا إذا نالهم ما يكرهون (وَإِنْ تُصِبْكَ مُصِيبَةٌ يَقُولُوا قَدْ أَخَذْنا أَمْرَنا مِنْ قَبْلُ وَيَتَوَلَّوْا وَهُمْ فَرِحُونَ) ويدل السياق أن المراد بالمصيبة هنا انكسار جيش المسلمين ، لأن قولهم : (قَدْ أَخَذْنا أَمْرَنا) معناه ان المنافقين كانوا يتحدثون فيما بينهم فرحين مستبشرين بما حل بالمسلمين من مكروه ويقول بعضهم لبعض : لقد أخذنا حذرنا وتيقظنا إلى ما صار اليه جيش محمد .. وتقدم نظيره في الآية ١٢٠ من سورة آل عمران : (إِنْ تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِها). وفي قوله تعالى : (إِذْ يَقُولُ الْمُنافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ غَرَّ هؤُلاءِ دِينُهُمْ) ـ ٤٩ الأنفال».
(قُلْ لَنْ يُصِيبَنا إِلَّا ما كَتَبَ اللهُ لَنا) معناه قل أيها الرسول لأولئك المنافقين : نحن الذين تيقظوا وأخذوا حذرهم ، لا أنتم ، لأنكم قعدتم مع القاعدين ، أما نحن