تماما ، ويرجع الى ما كان أيام الطفولة ، حتى كأنه لم يتعلم شيئا من الدروس ، ولا مر بشيء من التجارب.
(وَاللهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلى بَعْضٍ فِي الرِّزْقِ فَمَا الَّذِينَ فُضِّلُوا بِرَادِّي رِزْقِهِمْ عَلى ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ فَهُمْ فِيهِ سَواءٌ أَفَبِنِعْمَةِ اللهِ يَجْحَدُونَ). لقد توهم البعض ان ظاهر الآية يدل على ان الرزق هو بقضاء الله وقدره ، وانه تعالى هو الذي جعل هذا غنيا ، وذاك فقيرا .. ولكن الآية بعيدة كل البعد عن هذا المعنى ، لأنها قد جاءت للرد على المشركين ، وتوضيح ذلك ان المشركين جعلوا لله شركاء. فرد عليهم سبحانه بأنكم لا ترضون أيها المشركون أن يكون عبيدكم شركاء لكم في أموالكم ، وأن تكونوا وإياهم سواء في أرزاقكم وأملاككم ، وإذا لم ترضوا لأنفسكم المساواة بينكم وبين عبيدكم فيما تملكون ، فكيف صح في افهامكم أن يكون عبيد الله شركاء له في خلقه؟. فهل شأن الله تعالى دون شأنكم في ذلك؟.
وبكلام آخر ان الله سبحانه احتج عليهم بمنطقهم ومقاييسهم ، وقال لهم : أنتم سادة بزعمكم ، ولكم عبيد لا يملكون معكم شيئا ، لأن العبد لا يملك مع سيده شيئا .. إذن ، بأي منطق قلتم : ان الأصنام أو غيرها من عبيد الله تملك معه أو عنده شيئا؟.
وتسأل : ان قوله تعالى : (وَاللهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلى بَعْضٍ فِي الرِّزْقِ) ظاهر في ان التفضيل في الرزق بقضاء الله وقدره؟.
الجواب : لقد كررنا القول : ان اضافة الرزق وغير الرزق الى الله تعالى انما هو من باب اسناد الشيء الى سببه الأول ، ولتنبيه الأذهان الى ان الله هو خالق الكون وما فيه ، وتكلمنا عن الرزق وفساد الأوضاع في ج ٣ ص ٩٤ ، وأيضا تكلمنا بعنوان : «هل الرزق صدفة» في ج ٣ ص ١٣١ ، وبعنوان : «الإنسان والرزق» عند تفسير الآية ٢٦ من سورة الرعد.
(وَاللهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً). من جنسكم ، لا من جنس أدنى أو أرفع ، ليتم الانس للجانبين ، ويحصل التعاون والمشاركة في الحياة من كل الجهات ، وأوضح تفسير لهذه الجملة قوله تعالى : (وَمِنْ آياتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْها وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً) ـ ٢١ الروم».
(وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْواجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً). بعد أن ذكر سبحانه نعمة الزواج