فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ). المراد بمسخرات مهيئات للطيران ، وبالإمساك عدم السقوط على الأرض ، ومثله قوله تعالى : (أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صافَّاتٍ وَيَقْبِضْنَ ما يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا الرَّحْمنُ) ـ ١٩ الملك» .. ومن الواضح ان الله سبحانه يجري الأمور على أسبابها ، وقد اشتهر على كل لسان ان الله إذا أراد أمرا هيأ أسبابه ، فمعنى قوله تعالى : ما يمسكهن الا الله .. والا الرحمن انه تعالى خلق للطير جناحين ، وزوده بجميع المعدات اللازمة للطيران بين السماء والأرض ، قال تعالى : (وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيراً) ـ ٢ الفرقان» .. وقال : (إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْناهُ بِقَدَرٍ) ـ ٤٩ القمر». وهذا الخلق والتقدير والتدبير دليل واضح وقاطع على وجود الخالق المدبر.
وتسأل : لقد اخترع الإنسان طائرة تفوق سرعتها سرعة الصوت ، بل اخترع صواريخ تقطع بالساعة آلاف الأميال ، وتنطلق الى القمر والمريخ ، واخترع الأقمار الصناعية التي تدور حول الأرض والقمر ، وتتحدث من هناك الى العلماء بلغتهم عما تسمع وترى ، فأين الطيور من هذه المخترعات؟.
وغريب ان يسأل عاقل مثل هذا السؤال ، ويدهش لهذه المخترعات ، ويذهل عن العقل الذي اخترعها وأوجدها .. وبالأصح يذهل عن خالق هذا العقل الذي أوجد هذه المخترعات .. ولو أنصف الإنسان لنظر الى نفسه وعقله ، فإنه أعظم من اختراع الصواريخ والأقمار الصناعية ، لأنه هو مخترعها ومبدعها .. بل لو أنصف لنظر الى خلق الكون فهو أعظم من خلق الإنسان الذي اخترع الصاروخ والقمر الصناعي ، قال تعالى في الآية ٥٧ من غافر : (لَخَلْقُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ). وخلق الإنسان أكبر من خلق الصاروخ والأقمار الصناعية بملايين المرات.
هذا ، الى ان الحديث منذ بدايته انما هو عن الطير ، والطير من الأحياء ، والطائرة والصاروخ والقمر الصناعي من الجماد ، فالنقض بشيء منها في غير محله .. ومن الواضح المؤكد ان علماء الصواريخ ومعهم علماء الانس والجن لا يستطيعون أن يخلقوا ذبابة ، ولا خلية من جناح ذبابة : (لَنْ يَخْلُقُوا ذُباباً وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبابُ شَيْئاً لا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ) ـ ٧٣ الحج».
وتجدر الاشارة الى ان الله سبحانه أسند اليه إمساك الطير في الجو لأنه تعالى