وان كان مصدرا بمعنى المخالفة فهو مفعول لأجله لفرح. وحرا تمييز. واللام في ليضحكوا لام الأمر وعملها الجزم ، ومثلها اللام في ليبكوا. وقليلا صفة لمفعول مطلق محذوف أي ضحكا قليلا. ومثله كثيرا أي بكاء كثيرا. وجزاء مفعول لأجله ليبكوا. وأبدا منصوب على الظرفية ، ومعناه الاستقبال. وأول مرة قائم مقام الظرف ، أي في أول مرة.
المعنى :
(فَرِحَ الْمُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خِلافَ رَسُولِ اللهِ وَكَرِهُوا أَنْ يُجاهِدُوا بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللهِ). حكى الله سبحانه فيما سبق قول بعض المنافقين للنبي ائذن لي في القعود عن الجهاد ، وأخبر في هذه الآية عن فرحهم بهذا القعود مخالفة لرسول الله ، وكراهية للجهاد بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله بعامة ، وفي غزوة تبوك بخاصة ، لأن الآيات نزلت فيها.
(وَقالُوا لا تَنْفِرُوا فِي الْحَرِّ قُلْ نارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّا لَوْ كانُوا يَفْقَهُونَ). اشفقوا على أنفسهم من حر الدنيا ، ولم يشفقوا عليها من نار جهنم ، وهي أشد حرا ، وأطول أمدا .. هذا ، إلى أن من ترك جهاد الطغاة ألبسه الله ثوب الذل في الدنيا ، وسيم الخسف ومنع النّصفة .. وما غزي العرب والمسلمون في عقر دارهم إلا حين تواكلوا وتخاذلوا ، وآثروا الخزي والمذلة على الاستشهاد من أجل العزة والكرامة.
(فَلْيَضْحَكُوا قَلِيلاً وَلْيَبْكُوا كَثِيراً جَزاءً بِما كانُوا يَكْسِبُونَ). الأمر بالضحك والبكاء معناه الإخبار بأن المنافقين ، وان فرحوا بمقعدهم عن الجهاد فان هذا الفرح ليس بشيء بالنسبة الى ما سيلقونه من الخزي والذل في الدنيا ، وهم في الآخرة أذل وأخزى.
(فَإِنْ رَجَعَكَ اللهُ إِلى طائِفَةٍ مِنْهُمْ) الخطاب للنبي (ص) ، ومعنى رجعك ردك من غزوة تبوك الى المدينة ، والمراد بالطائفة جماعة المنافقين ، وضمير منهم يعود إلى من تأخر في المدينة عن الغزو ، فإن بعض هؤلاء تأخر لعذر صحيح