أتم أو أقصر؟ قال أتم. قلت وأمر على المدينة فأتم الصلاة أو أقصر؟ قال أتم».
أقول : وهذان الخبران ظاهر الدلالة على الإتمام أيضا بمجرد الوصول كما يشير اليه قوله في الرواية الأولى «إذا دخلت مكة فأتم» ومن الظاهر ان الدخول للحج وهو أعم من أن يكون يوم الخروج منها للحج أو قبله بما لا يسع مقام عشرة أو يسع ، ويشير إليه في الرواية الثانية «أمر على المدينة» بل ربما يدعى كونه كالصريح في عدم الإقامة ، إذ المراد بالمرور هو اتخاذها طريقا من غير توقف ولا اقامة فيها ونحوها في ذلك رواية فائد الحناط المتقدمة.
الحادي عشر ـ صحيحة عبد الرحمن بن الحجاج (١) قال : «قلت لأبي الحسن عليهالسلام ان هشاما روى عنك انك أمرته بالتمام في الحرمين وذلك من أجل الناس؟ قال لا كنت أنا ومن مضى من آبائي إذا وردنا مكة أتممنا الصلاة واستترنا من الناس».
أقول : هذا الخبر لا يخلو من الإجمال الموجب لتعدد الاحتمال ، وأظهر ما ينبغي أن يحمل عليه هو أنه لما كان مذهب أهل البيت (عليهمالسلام) واتباعهم من تحتم القصر في السفر ما لم ينو مقام عشرة أيام معلوما عند عامة أهل زمانهم فكانوا إذا رأوا أحدا منهم يتم في الحرمين بدون الإقامة سيما مكة التي إنما يحصل القدوم فيها قبل التروية بقليل كانوا إذا أرادوا التمام لتحصيل شرف البقعة استتروا خوفا من التشنيع عليهم بالإتمام الذي هو خلاف مذهبهم لعدم علمهم بأفضلية الإتمام لشرف هذه البقاع ، حيث انهم حجب عنهم كما تقدمت الإشارة إليه في الأخبار الأربعة الأولة ، فلا جل دفع هذه المفسدة كانوا يستترون بذلك.
الثاني عشر ـ رواية إبراهيم بن شيبة (٢) قال : «كتبت الى ابى جعفر عليهالسلام اسأله عن إتمام الصلاة في الحرمين فكتب الى كان رسول الله صلىاللهعليهوآله يحب إكثار الصلاة في الحرمين فأكثر فيهما وأتم».
الثالث عشر ـ رواية على بن يقطين (٣) قال : «سألت أبا إبراهيم عليهالسلام عن التقصير بمكة فقال أتم وليس بواجب إلا انى أحب لك مثل الذي أحب لنفسي».
__________________
(١ و ٢ و ٣) الوسائل الباب ٢٥ من صلاة المسافر.