لأنه إذا كان الحكم بالتخيير متفقا عليه عندهم ومعلوما لديهم والأخبار عندهم مجتمعة عليه وان لم تثبت أفضلية التمام فما وجه ضيقه بذلك وكتابته اليه عليهالسلام؟ بل الحق الصريح الذي لا يحتاج الى تكلف ولا تصحيح هو ما ذكرناه من أن روايات التقصير انما خرجت ناصة على تعين القصر إلا مع نية الإقامة وهو الذي فهمه منها أصحابنا في ذلك الوقت ولذا عكفوا على التقصير ، وهو السبب الذي ضاق به على بن مهزيار حيث أنه قد روى له سابقا قبل حجته المشار إليها من الأخبار ما يدل على أفضلية التمام وقد كان يتم لذلك حتى صدر في حجه ذلك ، فأشار عليه الأصحاب بالتقصير الموجب لبطلان ما عمل عليه سابقا فضاق بذلك صدرا من حيث رغبته في الإتمام لتحصيل تلك الفضيلة التي وردت في أخبار الإتمام وهؤلاء منعوه من ذلك وافهموه انه غير مشروع إلا مع نية الإقامة فكتب لهذه الحيرة الى الامام عليهالسلام.
وحينئذ فمع تعارض الأخبار على هذا الوجه وعدم إمكان ما ذكروه من الجمع في المقام فلا بد من النظر في ما يترجح به أخبار الطرفين ليصير العمل عليه في البين ، وحينئذ فلقائل أن يقول ان صحيحة على بن مهزيار المذكورة قد اشتملت على سؤاله عليهالسلام عن ذينك القولين وعرض اخبار الطرفين وهو عليهالسلام قد أمر مع ذلك بالتمام فلا مندوحة عن الحكم بمقتضاها والعمل بفتواها. نعم يبقى الكلام في وجه تحمل عليه أخبار القصر وأظهر الوجوه فيها الحمل على التقية كما تقدمت الإشارة إليه ذيل الأخبار الأربعة المتقدمة في صدر البحث لاختصاص الإتمام في هذه البقاع بمذهب الإمامية ، وسيأتي مزيد بسط الكلام في المقام بعد ذكر الأخبار المشار إليها ان شاء الله تعالى.
التاسع ـ صحيحة مسمع عن ابى عبد الله عليهالسلام (١) قال قال لي : «إذا دخلت مكة فأتم يوم تدخل».
العاشر ـ رواية عمر بن رياح (٢) قال : «قلت لأبي الحسن عليهالسلام أقدم مكة
__________________
(١ و ٢) الوسائل الباب ٢٥ من صلاة المسافر.