أقول : والقول بالعود ميراثا منقول عن ابن إدريس والشيخ في أجوبة المسائل الحائريات.
ثم لا يخفى ان كلامهم (رضوان الله عليهم) في هذه المسألة ـ وخلافهم فيها وتعليل كل منهم ما اختاره بهذه التعليلات الواهية ـ انما نشأ عن عدم الوقوف على الاخبار التي وردت في هذه المسألة ، وإلا فهي مكشوفة القناع واجبة الاتباع لا يعتريها مناقشة ولا نزاع ، وهي متفقة الدلالة على القول المشهور متعاضدة المقالة على ذلك لا يعتريها قصور ولا فتور.
ومنها ـ ما رواه المشايخ الثلاثة (رضوان الله عليهم) عن علي بن مزيد صاحب الصابري (١) قال : «اوصى الي رجل بتركته وأمرني أن أحج بها عنه فنظرت في ذلك فإذا شيء يسير لا يكفي للحج. فسألت أبا حنيفة وفقهاء أهل الكوفة ، فقالوا : تصدق بها عنه. فلما حججت لقيت عبد الله بن الحسن في الطواف فسألته وقلت له : ان رجلا من مواليكم من أهل الكوفة مات واوصى بتركته الي وأمرني أن أحج بها عنه ، فنظرت في ذلك فلم يكف للحج ، فسألت من قبلنا من الفقهاء فقالوا : تصدق بها. فتصدقت بها ، فما تقول؟ فقال لي : هذا جعفر بن محمد في الحجر فأته واسأله. قال : فدخلت الحجر فإذا أبو عبد الله عليهالسلام تحت الميزاب مقبل بوجهه الى البيت يدعو ، ثم التفت الي فرآني فقال : ما حاجتك؟ فقلت : جعلت فداك اني رجل من أهل الكوفة من مواليكم فقال : دع ذا عنك ، حاجتك. قلت : رجل مات واوصى الي بتركته ان أحج بها
__________________
(١) الفروع ج ٢ ص ٢٣٩ الطبع القديم ، والتهذيب ج ٩ ص ٢٢٨ ، والفقيه ج ٤ ص ١٥٤ ، وفي الوسائل الباب ٣٧ و ٨٧ من الوصايا. واسم الراوي في الفروع هكذا : «علي بن فرقد صاحب السابري».