له ذكرا حسنا فى الباقين فحذف الذكر. ومن ذلك قوله تعالى : (فَبَعَثَ اللهُ غُراباً يَبْحَثُ فِي الْأَرْضِ) ، أى يبحث التّراب على غراب آخر ليواريه ؛ فيرى هو كيف يوارى سوأة أخيه. وقوله تعالى : (فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسارِعُونَ فِيهِمْ) ؛ أى فى مرضاتهم.
ومن الحذف قول صعصعة وقد سئل عن علىّ بن أبى طالب رضى الله عنه ، فقال : لم يقل فيه مستزيد : لو أنه ، ولا مستقصر : إنه ؛ جمع الحلم ، والعلم ، والسلم ، والقرابة القريبة ، والهجرة القديمة ، والبصر بالأحكام ، والبلاء العظيم فى الإسلام.
وقال على رضى الله عنه : سبق رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وصلّى (١) أبو بكر ، وثلث عمر ، وخبطتنا فتنة فما شاء الله.
وقال القيسى : ما زلت أمتطى النهار إليك ، وأستدل بفضلك عليك ، حتى إذا جنّنى الليل ، فقبض البصر ، ومحا الأثر ، أقام بدنى ، وسافر أملى ، والاجتهاد عاذر ؛ وإذا بلغتك فقط.
فقوله : «فقط» من أحسن حذف وأجود إشارة.
وأخبرنا أبو أحمد ، قال : أخبرنا إبراهيم بن الزغل العبشمى ، قال : حدّثنا المبرد أن عبد الله بن يزيد بن معاوية أتى أخاه خالدا ، فقال : يا أخى ؛ لقد هممت اليوم أن أفتك بالوليد بن عبد الملك. فقال خالد : بئس والله ما هممت به فى ابن أمير المؤمنين ، وولىّ عهد المسلمين! فقال : إنّ خبلى مرّت به فعبث بها وأصغرنى فيها.
فقال : أنا أكفيك ؛ فدخل على عبد الملك ؛ فقال : يا أمير المؤمنين! إنّ الوليد
__________________
(١) وأصل هذا فى الخيل ، فالسابق الأول ، والمصلى الثانى.