ويحتمل أن يكون تحديدا شرعيّا لهذا الحكم ولم تكن مدة الحداد لعدة الوفاة فإن شاءت أن تبقى في بيت زوجها فلها الإنفاق والسكنى.
وعلى الاحتمال الأول تكون الآية المباركة منسوخة بآية عدة الوفاة وآية الميراث وهذا هو المشهور بين الفقهاء والمفسرين ، ويدل عليه بعض النصوص ، وهو من حسن التدبير في جعل القانون بأن يقرّر جاعله بعض القوانين السابقة ثم ينسخها بالتدريج والإمهال فإنّ في ذلك الوصول إلى المطلوب مع جلب القلوب.
وعلى الثاني فلا نسخ في البين بل هو حكم أدبي نظير قوله تعالى : (كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ) [البقرة ـ ١٨١].
وإذا كان نسخا فهو لوجوب الوصية وأما رجحانها فلا نسخ فيه وهذا هو الظاهر من الآية الشريفة وقد تقدم في آية ١٨١ من هذه السورة ما يرتبط بالمقام.
قوله تعالى : (فَإِنْ خَرَجْنَ فَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ فِي ما فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ مِنْ مَعْرُوفٍ).
أي : فإن خرجن من بيوت أزواجهنّ من عند أنفسهنّ بلا جبر وإكراه فلا إثم عليكم ـ على أهل الزوج وعشيرته ـ فيما فعلن في أنفسهنّ من حيث الزواج أو ما تختار بحسب المعروف وما يوافق حالهنّ لأنّ ذلك حق لها يجوز تركه.
وإخراج الزوجة من بيت زوجها المتوفّى إما أن يكون جبرا وعلى كره منها أو يكون بالتماس منها أو يكون برضائها بلا إكراه والتماس والمتيقّن من الآية الشريفة على فرض عدم النسخ هو الأول ، لما ذكرنا.
والآية المباركة في مقام الترخيص لهنّ في استعمال ما هو المعروف سواء كان في الزواج أو استعمال الزينة ولكن بشرط أن تنقضي أربعة أشهر وعشرا إن قلنا بعدم نسخ الآية.