إلى النفس أو المجتمع ، وإنّما عبّر سبحانه وتعالى به لبيان التنظير ، وليس المراد القرض الاصطلاحي الذي يؤخذ لرفع الحاجة والضرورة ويشرح هذه الآية المباركة قوله تعالى : (وَأَقْرِضُوا اللهَ قَرْضاً حَسَناً وَما تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللهِ هُوَ خَيْراً وَأَعْظَمَ أَجْراً) [المزمل ـ ٢٠].
وقد اعتبر سبحانه ما يقدمه الإنسان من الخير إلى النفس أو المجتمع وما ينفقه في سبيله قرضا لنفسه للحث والترغيب فإنّ رغبة الإنسان إلى البذل ضعيفة في نفوس الكثيرين فلا بد فيه من الحث الأكيد والمبالغة الشديدة لقرضه تعالى ، وللإرشاد إلى أنّ القرض إنّما يكون قرضا له إذا كان في سبيله ولوجهه عزوجل.
والقرض الحسن : ما كان خالصا لوجهه الكريم خاليا عن شوائب الشرك والرياء وفاقدا للمنّ والسمعة وما كان فيه منفعة عامة ترجع إلى الصالح العام وأن يتضمن الخير وما يقرّبه إلى الربّ الكريم.
قوله تعالى : (فَيُضاعِفَهُ لَهُ أَضْعافاً كَثِيرَةً).
جواب للطلب المؤكد في قوله تعالى : (مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ) ويضاعفه منصوب جوابا للاستفهام وقرئ بالرفع أيضا.
والأضعاف واحدها ضعف وهو : أداء المثل وزيادة ، ومنه الحديث : «تضعف صلاة الجماعة على صلاة الفذ خمسا وعشرين درجة».
وهذه الآية المباركة تؤكد ما ورد في صدرها فإنّه يدل على أنّ ما يقدمه له تعالى لا يضيع ولما كان ذلك غير كاف في الترغيب أكده بأنّ الجزاء إنّما يكون أضعافا مضاعفة كثيرة ـ في الدنيا والآخرة ـ لا نهاية لها ولا حدّ ولا يحصي عددها إلا الله تعالى.
وقد ورد في آيات أخرى تحديد الجزاء تارة بالعشرة قال تعالى : (مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها) [الأنعام ـ ١٦٠] ، وأخرى بالسبعمائة مثل قوله تعالى : (مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ