الآيات الشريفة نزلت عقيب الأمر بالقتال والترغيب إلى القرض الحسن وبذل النفس والمال في سبيل الله تعالى وإقامة الحق وتبيّن موردا خاصا مما يمكن أن ينطبق عليه ما ورد في الآيتين السابقتين من جميع الجهات التي بينها سبحانه وتعالى.
فترشد الآيات المباركة إلى ما للقتال من الدخل في النظام الاجتماعي والتربوي والديني ، وما يترتب عليه من السعادة إن كان في سبيل الله تعالى والدفاع عن الحق وهي تبيّن الشروط التي لا بد من توفرها في متولّي الأمر وهي العلم والصحة والإيمان وبعض الصفات التي لا بد من أن تتحلّى بها الأمة وهي الإيمان والجرأة والتوكل وعدم مخالفة القائد ونبذ الضعف والجبن.
وبيّن سبحانه أنّ باجتماع تلك الشروط والصفات تتحقق السعادة والوصول إلى الكمال والقرب إلى التأييد الإلهي والنصر.
وهذا الذي ذكره سبحانه هو قصة قوم من بني إسرائيل طلبوا من نبيّ لهم أن يبعث لهم قائدا يقودهم إلى الدفاع عن النفس والرجوع إلى الوطن والأهل بعد أن اجتمع رأيهم على ذلك وقد وعدهم نبيهم بالنصر إن هم وفوا بما عاهدوا عليه ، ولكن وهن عزمهم وانفسخت إرادتهم وانعدم فيهم الثبات والاستقامة إلا قليلا منهم ممن ألهمهم الله تعالى الرشد والصواب فبلغوا النصر.
وإنّما ذكر سبحانه هذه القصة ، ليعتبر بها من بعدهم من الأمم ويسيروا على هدى القرآن حتّى يصلوا إلى ما كتبه لهم من النصر والسعادة.
وقد ذكر سبحانه في هذه الآيات كل ما له دخل في القيادة الصحيحة والنظام الاجتماعي السعيد.