٢٥١ ـ قوله تعالى : (فَهَزَمُوهُمْ بِإِذْنِ اللهِ).
الهزم والدفع والحطم والكسر والخرم نظائر ، والفرق بينها بالاعتبار ، ويمكن أن يجعل الجامع الفصل والقطع ، ولم تستعمل هذه المادة في القرآن الكريم إلا في موضعين أحدهما المقام والثاني قوله تعالى : (جُنْدٌ ما هُنالِكَ مَهْزُومٌ مِنَ الْأَحْزابِ) [ص ـ ١١].
والمراد بإذن الله هنا : إرادته القاهرة الغالبة في استجابة دعوتهم وهزيمة عدوّهم.
وإنّما قدّم سبحانه الهزم مع أنّه يكون بعد قتل جالوت عادة للدلالة على سرعة استجابة دعائهم ، فإنّ الدّعاء حين تحقق الابتلاء أقرب إلى الاستجابة لانكسار القلوب وتوجهها إلى الواحد الأحد المحبوب ، وإنّ النصر حليف ثبوت الاستقامة والجد والاجتهاد ، والأخبار في ذلك متواترة عن نبينا الأعظم (صلىاللهعليهوآله) وآله الطّاهرين (عليهمالسلام).
قوله تعالى : (وَقَتَلَ داوُدُ جالُوتَ وَآتاهُ اللهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشاءُ).
أخر ذكر القتل ليكون ما ذكره عزوجل لداود من الفضائل على وتيرة واحدة ونسق متحد ، فإنّه أبلغ في التمجيد ولبيان عظم النعمة عليه.
والمراد بالملك الملك الظاهري ، كما أنّ المراد بالحكمة الملك المعنوي سواء أريد بها النبوة ، أو المعارف الإلهية.
وحكمة داود وآله معروفة في السير والأحاديث ، وقد ورد فيها : «أنّ زبور داود كان مائة وخمسين سورة كلّها مواعظ وحكم وتمجيد ليس فيها حكم من الأحكام» وقد علّم سبحانه داود فصل الخطاب وما يتطلبه الملك والحكم والإدارة والتدابير الظاهرية.
قوله تعالى : (وَلَوْ لا دَفْعُ اللهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ).
الآية المباركة تبيّن حكما من الأحكام الاجتماعية الواقع في النوع