ففي المقام يراد من المطلّقات العموم ـ الأعم من البائن والرجعي ـ ومن الضمير الراجع إليها قسم خاص منها. وهو من الأساليب المعهودة في كلام العرب ووارد في القرآن الكريم كثيرا.
واختصاص الضمير بالبعض لا فرق فيه بين أن يكون لقرينة داخلية كما قيل في المقام من أنّ الأحقية إنّما تتحقق في الرجعيات دون البائنات التي لا رجوع فيها ، أو لأجل أخبار خاصة أو نحو ذلك فالضمير في جميع الحالات يرجع إلى بعض المطلّقات دون العموم.
وإنّما جيء بلفظ (إن) في قوله تعالى : (إِنْ أَرادُوا إِصْلاحاً) لذكر الحالة التي يتحقق بها الرد وإرادته كما في قوله تعالى : (وَلا تُكْرِهُوا فَتَياتِكُمْ عَلَى الْبِغاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّناً) [النور ـ ٣٣].
ثم إنّ قوله تعالى : (وَلا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئاً إِلَّا أَنْ يَخافا أَلَّا يُقِيما حُدُودَ اللهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيما حُدُودَ اللهِ فَلا جُناحَ عَلَيْهِما فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللهِ فَلا تَعْتَدُوها وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللهِ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) التفات عن خطاب الجمع الوارد في قوله تعالى : (وَلا يَحِلُّ لَكُمْ) وقوله تعالى : (فَلا تَعْتَدُوها) إلى خطاب المفرد بقوله تعالى : (تِلْكَ حُدُودُ اللهِ) ثم إلى الجمع بقوله تعالى : (فَلا تَعْتَدُوها) ثم إلى المفرد في قوله تعالى : (فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) كلّ ذلك لتنبيه المخاطب ورفع الكسل في الإصغاء وتتشيط الذهن ليستعد لسماع الحكم من غير ملل.
وفي قوله تعالى : (أَلَّا يُقِيما حُدُودَ اللهِ) التفات من الخطاب إلى الغيبة تكريما واستبعادا للمخاطب عن الوقوع في المخالفة وعدم إقامة حدود الله.