القوم وصلّينا فعلى م نقاتلهم؟! فقال عليّ (عليهالسلام) : على هذه الآية : (تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجاتٍ وَآتَيْنا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّناتِ وَأَيَّدْناهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ وَلَوْ شاءَ اللهُ مَا اقْتَتَلَ الَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ) فنحن الذين من بعدهم (مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُمُ الْبَيِّناتُ وَلكِنِ اخْتَلَفُوا فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ وَمِنْهُمْ مَنْ كَفَرَ وَلَوْ شاءَ اللهُ مَا اقْتَتَلُوا وَلكِنَّ اللهَ يَفْعَلُ ما يُرِيدُ) فنحن الذين آمنّا وهم الذين كفروا. فقال الرجل : كفر القوم وربّ الكعبة ثم حمل فقاتل حتّى قتل رحمهالله».
أقول : يظهر من انتهاء كلّ هذا الاختلاف والمقاتلة من بعد الرسل إلى اختيار الناس باستعداداتهم وإدراكاتهم المقتضية للاختلاف طبعا الموجب للبغي والظلم قهرا ، كما تقدم في التفسير.
وما وقع بعد سيد الأنبياء يكون كما وقع بعد سائر الأنبياء (عليهمالسلام) ويمكن استناد ذلك إلى اختلاف الاستعدادات كما مرّ ، أو إلى الاجتهاد مثلا أو إلى أسرار القضاء والقدر كلّ ذلك على نحو الاقتضاء. وقد مرّ أقسام الكفر في آية (٧) من هذه السورة.
وفي الاحتجاج عن صفوان بن يحيى قال سأل أبو قرة المحدّث الرضا (عليهالسلام) فقال : «أخبرني (جعلني الله فداك) عن كلام الله لموسى فقال (عليهالسلام) : الله أعلم بأيّ لسان كلّمه بالسريانية أم بالعبرانية فأخذ أبو قرة بلسانه فقال : إنّما أسألك عن هذا اللسان فقال أبو الحسن (عليهالسلام) : سبحان الله عما تقول ومعاذ الله أن يشبه خلقه أو يتكلّم بمثل ما هم به متكلّمون ولكنّه سبحانه ليس كمثله شيء ولا كمثله قائل فاعل قال : كيف ذلك؟ قال (عليهالسلام) : كلام الخالق لمخلوق ليس ككلام المخلوق لمخلوق ، ولا يلفظ بشق فم ولسان ، ولكن يقول له كن فكان بمشيته ما خاطب به موسى من الأمر والنّهي من غير تردد في نفس ـ الخبر ـ».
أقول : من هذا الحديث وأمثاله يظهر أنّ الكلام من صفات الفعل لا أن يكون من صفات الذات ، كما يأتي في البحث الفلسفي.