الإنسان في هذا العالم وتدل على ذلك جملة كثيرة من آيات الذكر الحكيم قال تعالى : (يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللهُ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُهُمْ بِما عَمِلُوا أَحْصاهُ اللهُ وَنَسُوهُ وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ) [المجادلة ـ ٦] ، وقال تعالى : (وَاتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ ما كَسَبَتْ) [البقرة ـ ٢٨١] ، إلى غير ذلك من الآيات المباركة ، وكذلك السنة الشريفة.
ويمكن أن يقام الدليل العقلي عليه أيضا فإنّ الإنسان إذا بلغ في السّير التكاملي إلى مقام خلاقية النفس بكلّ ما يشاء وما يريد لا يرى إلا ذاته ـ كما أثبته أكابر الفلاسفة ـ فيكون كمال ذاته وابتهاجها بذاته من دون احتياج إلى شيء آخر حتّى يمكن تداركه بالبيع أو الخلّة ، وكذا إذا وصل في النزول إلى مرتبة لا ينفعه شيء أبدا ، فكلّ واحد من الخلودين ينقطع فيهما الأسباب والحاجات ففي قوس الصعود تنقطع حاجات الدنيا بانفتاح أبواب البركات المعنوية ، وفي غاية قوس النزول تنقطع الحاجات بالمرة ، لعدم إمكان رفع الحاجة والتدارك ، بالخلّة ، أو الشفاعة التي لم تكن إلا بإذن الله تعالى.
وفي الآية الشريفة كمال التحريض على اغتنام الفرصة بأيّ وجه أمكن قبل فواتها مثل قوله تعالى : (فَاسْتَبِقُوا الْخَيْراتِ) [المائدة ـ ٤٨] ، وقوله تعالى : (سابِقُوا إِلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُها كَعَرْضِ السَّماءِ وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَرُسُلِهِ) [الحديد ـ ٢١]. وقول عليّ (عليهالسلام) : «اغتنموا الفرص فإنّها تمر مرّ السحاب».