شَفاعَتُهُمْ شَيْئاً إِلَّا مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللهُ لِمَنْ يَشاءُ وَيَرْضى) النجم ـ ٢٦].
الثالثة : ما تدل على ثبوت الشفاعة في الدنيا قال تعالى : (مَنْ يَشْفَعْ شَفاعَةً حَسَنَةً يَكُنْ لَهُ نَصِيبٌ مِنْها وَمَنْ يَشْفَعْ شَفاعَةً سَيِّئَةً يَكُنْ لَهُ كِفْلٌ مِنْها وَكانَ اللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ مُقِيتاً) [النساء ـ ٨٥] فإنّ سياقها يدل على أنّها في الدنيا.
الرابعة : ما تدل على نفي الشفاعة إما مطلقا أو في يوم القيامة أو عن طائفة خاصة قال تعالى : (يَوْمَئِذٍ لا تَنْفَعُ الشَّفاعَةُ) [طه ـ ١٠٩] ، وقال تعالى : (أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْناكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا بَيْعٌ فِيهِ وَلا خُلَّةٌ وَلا شَفاعَةٌ وَالْكافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ) [البقرة ـ ٢٥٤] وقال تعالى : (وَلا يَمْلِكُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الشَّفاعَةَ إِلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ) [الزخرف ـ ٨٦] ، وقال تعالى : (لا يَمْلِكُونَ الشَّفاعَةَ إِلَّا مَنِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمنِ عَهْداً) [مريم ـ ٨٧] وقال تعالى : (ما لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلا شَفِيعٍ يُطاعُ) [غافر ـ ١٨] والمراد من الظّالمين الكافرين بقرينة قوله تعالى : (وَالْكافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ).
والمستفاد من مجموعها : أنّ الشفاعة ثابتة لله تعالى أصالة وهو المالك لها وتكون لغيره تعالى بإذنه ورضاه ، وهي لا تكون في يوم القيامة إلا لمن ارتضاه الله تعالى وأذن له بالشفاعة وهذا هو الذي تقتضيه القواعد العقلية لانحصار مالكية كلّ شيء فيه تعالى وجميع تلك الآيات المباركة تدل على عدم ثبوتها لغيره عزوجل اقتراحا من الناس ومن دون مشية الله تعالى وارتضائه ، فتحمل الآيات النافية للشفاعة إما على الشفاعة الاقتراحية للناس ، أو على وقت دون وقت.
ونسبة الشفاعة إليه عزوجل كنسبة سائر الأمور المختصة به عزوجل التي يفيضها على غيره : كعلم الغيب ، والرزق ، والحكم ، والملك وغير ذلك مما هو كمال له فإنّه تعالى يثبته لنفسه عزوجل وينفيه عن غيره ثم يثبته له بإذنه وارتضائه وهذا شايع في القرآن الكريم فإنّ الأمر لله وهو فعّال لما يريد.