فهم يدخلون النار بسبب أعمالهم ثم يخرجون منها بالشفاعة أو أنّها تمنعهم من دخول النار لأنّهم متفاوتون في نيل الشفاعة ودرجاتها ، ويشهد لما ذكرنا ما روي عن الكاظم عن أبيه عن آبائه (عليهمالسلام) عن النبي (صلىاللهعليهوآله) قال : «إنّما شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي فأما المحسنون فما عليهم من سبيل. قيل : يا ابن رسول الله كيف تكون الشفاعة لأهل الكبائر والله تعالى يقول : ولا يشفعون إلا لمن ارتضى ومن ارتكب الكبيرة لا يكون مرتضى؟!! فقال (عليهالسلام) : ما من مؤمن يرتكب ذنبا إلّا ساءه ذلك وندم عليه ، وقال النبي (صلىاللهعليهوآله) : كفى بالندم توبة وقال (صلىاللهعليهوآله) : من سرته حسنته وسائته سيئته فهو مؤمن ، فمن لم يندم على ذنب يرتكبه فليس بمؤمن ولم تجب له الشفاعة وكان ظالما والله تعالى ذكره يقول : (ما لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلا شَفِيعٍ يُطاعُ) فقيل له : يا ابن رسول الله وكيف لا يكون مؤمنا من لا يندم على ذنب يرتكبه؟ فقال : ما من أحد يرتكب كبيرة من المعاصي وهو يعلم أن سيعاقب عليه إلا ندم على ما ارتكب ، ومتى ندم كان تائبا مستحقا للشفاعة ، ومن لم يندم عليها كان مصرّا ، والمصرّ لا يغفر له ، لأنّه غير مؤمن بعقوبة ما ارتكب ولو كان مؤمنا بالعقوبة لندم وقد قال النبي (صلىاللهعليهوآله) : لا كبيرة مع الاستغفار ولا صغيرة مع الإصرار والدّين الإقرار بالجزاء على الحسنات والسيئات فمن ارتضى دينه ندم على ما ارتكبه من الذنوب لمعرفته بعاقبته في القيامة».
أقول : المراد من قوله (عليهالسلام) : «ما من مؤمن يرتكب ذنبا إلا ساءه ذلك وندم عليه» الندم الإجمالي الثابت في مرتبة الإيمان على كلّ ذنب في الجملة لا الندم التفصيلي الفعلي الالتفاتي على كلّ ذنب حتّى يكون موجبا لمحو الذنب كما قال (صلىاللهعليهوآله) : «كفى بالندم توبة» وحينئذ ينتفي موضوع الشفاعة كما ذكرنا ، ومثل هذا الندم الإجمالي من لوازم الإيمان في الجملة وهو مقتض لثبوت الشفاعة في يوم القيامة فهي تكون بمنزلة الجزء الأخير في العلّة التامة.
وقوله (صلىاللهعليهوآله) : «من سرّته حسنته وساءته سيئته فهو مؤمن»