السلام) : إنّه صار جارها لأنّ علم الكيفوفية فيه ، وفيه الظاهر من أبواب البداء ، وإنيتها وحد رتقها وفتقها ، فهذان جاران أحدهما حمل صاحبه في الظرف ، وبمثل صرف العلماء ، وليستدلوا على صدق دعواهما ، لأنّه يختص برحمته من يشاء وهو القوي العزيز».
أقول : أما قوله (عليهالسلام) : «إنّ للعرش صفات كثيرة مختلفة» مطابق للواقع والحقيقة لأنّ كلما عظم الشيء كثرت صفاته والعرش والكرسي أعظم المخلوقات فتكون لهما صفات كثيرة وقد يجتمعان في بعضها وقد يختلفان. وهذه الفقرة تدل على ما ذكرناه آنفا من انقسامهما إلى قسمين روحاني وجسماني.
والمراد من قوله (عليهالسلام) : «في كل سبب وضع في القرآن» أي : لكلّ سبب اصطلاح خاص في القرآن.
والمراد من قوله (عليهالسلام) : «وهذا علم الكيفوفة» أي : العلم بالمخلوق من حيث الكيفية لأنّ العرش والكرسي مخلوقان له تعالى فيجري فيهما الكيفية وسائر الجهات المخلوقة وإن لم تجر الكيفية بالنسبة إلى الباري عزوجل لقولهم (عليهمالسلام) : «وهو الذي كيّف الكيف فلا كيف له».
والمراد من قوله (عليهالسلام) : «ثم العرش في الوصل مفرد عن الكرسي» أي : من حيث ملاحظة العرش مع الكرسي فهما شيئان مختلفان لأنّهما بابان من أبواب الغيب ، وإن كان يجتمعان في كونهما من الغيب ، وهذه صفة كلّ جنس له نوعان مختلفان ، وأما كونهما بابين من أبواب الغيب فلفرض احتوائهما على جميع ما سوى الله عزوجل ولا يمكن أن يحيط بذلك غيره تعالى ، والحاوي والمحتوي غيبان محجوبان عن البصائر فضلا عن الأبصار.
والمراد من الظهور في قوله (عليهالسلام) : «لأنّ الكرسيّ هو الباب الظاهر من الغيب الذي منه مطلع البدع» النسبي منه أي بالنسبة إلى العرش فيكون العرش بمنزلة الباب الداخل والكرسي بمنزلة الباب الخارج ، والكرسي مطلع الموجودات الإبداعية التي خلقها الله تعالى.