وإنّما خص المؤمنين بالذكر لأنّهم استحقوا بالإيمان هذه المنزلة العظيمة والمقام السامي ، فهم لم يعاندوا الحق ولم يطفؤا نور الفطرة بالكفر ففازوا بعطف الله عزوجل عليهم ورأفته بهم وتولي أمرهم.
قوله تعالى : (وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِياؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُماتِ).
المراد من النور : نور العقل والفطرة ، ومن الظلمات : ظلمات الغواية والضّلال.
وهذا النور هو منشأ السعادة على نحو الاقتضاء فهو نور إجماليّ يقبل الزيادة والنقصان تبعا للعقائد الحسنة والمعارف الحقة والأعمال الصالحة ، والعقل ، والفطرة والشرع أمور متحدة في الواقع والحقيقة ومختلفة بالاعتبار ، وكلّ واحد منها يدعو إلى الآخر.
والآية المباركة من قبيل القضايا الطبيعية التي لا تحتاج إلى إقامة الحجة والبرهان ويكفي فيها المشاهدة والوجدان.
أي : إنّ الذين كفروا بالله العظيم واتبعوا الطاغوت فإنّهم خرجوا من ولايته تبارك وتعالى عليهم ولا مدبر لأمرهم ولا مسيطر على نفوسهم إلا الطاغوت الذي يكون شأنه إخراج الإنسان من النور الفطري إلى ظلمات الجهل والغواية وسوقهم إلى الشقاوة والحرمان وحيرة الضلالة ، فهم قد حرموا أنفسهم باتباعهم الطاغوت.
قوله تعالى : (أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ).
الجملة من قبيل القضايا الطبيعية التي يؤتى بها لبيان ترتيب الأثر على المؤثر كقول نبينا الأعظم (صلىاللهعليهوآله) : «حفت النار بالشهوات» وقوله (صلىاللهعليهوآله) : «من حفر لأخيه بئرا وقع فيه» أو كقول : «من شرب سمّا هلك».
أي : إنّ الآخرة ليس فيها إلا جزاء الأعمال الصادرة في الدنيا وأولئك