التفسير
٢٥٨ ـ قوله تعالى : (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْراهِيمَ فِي رَبِّهِ).
تقدم الكلام في جملة (أَلَمْ تَرَ) في آية (٢٤٣) وذكرنا أنّها تستعمل في مقام التعجب ويستفاد ذلك من بنائه اللفظي أو المعنوي.
والمحاجة : هي الجدال أي تبادل الحجة مع الخصم ومادة (حجج) تأتي بمعنى القصد ، والمحاجة لقصد الغلبة على الخصم. وتطلق الحجة على ما يقصد به إثبات شيء.
والمحاجة بين الحق والباطل قديمة حدثت بحدوث أصل الخليقة ، فإنّ أول ما خلق الله تعالى العقل ـ وهو خلق نوراني ـ وخلق في مقابله الجهل ـ وهو خلق ظلماني ـ وجعل لكلّ واحد منهما جنودا مجندة في الكمية لكنّها مختلفة في الكيفية ، فكلّ ما طلع نور حق في البين يهدي إلى الرشاد يخرج سحاب ظلماني يرعد ويبرق ويغوي العباد ، وهذه سنة الله في عباده ولن تجد لسنة الله تبديلا ، ولا تزال كذلك حتّى يفترق الفريقان فريق في الجنة وفريق في السعير فيلحق كلّ واحد منهما بما هو مثله ونظيره ويحظى بما يلائمه فيرتفع النزاع وينتهي الصراع.
وفي الآية الشريفة الذي مع الحق هو إبراهيم (عليهالسلام) ومن يمثل جانب الباطل نمرود بن كنعان الملك المعروف المعاصر لإبراهيم (عليه