فنظر إلى سباع الطير وسباع البحر وسباع الجو تأكل تلك الجيف ففكر في نفسه ساعة ثم قال : أنّى يحيي هذه الله بعد موتها وقد أكلتهم السباع؟ فأماته الله مكانه ، وهو قول الله تعالى : (أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلى قَرْيَةٍ وَهِيَ خاوِيَةٌ عَلى عُرُوشِها قالَ أَنَّى يُحْيِي هذِهِ اللهُ بَعْدَ مَوْتِها فَأَماتَهُ اللهُ مِائَةَ عامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ) أي أحياه ـ الحديث ـ».
أقول : وروى قريبا منه العياشي وغيره.
وفي تفسير العياشي «أنّ ابن الكوا قال لعليّ (عليهالسلام) : يا أمير المؤمنين ما ولد أكبر من أبيه من أهل الدنيا؟ قال (عليهالسلام) : نعم أولئك ولد عزير حيث مرّ على قرية خربة وقد جاء من ضيعة له ، تحته حمار ومعه شنة فيها تين وكوز فيه عصير فمرّ على قرية خربة فقال : أنّى يحيي هذه الله بعد موتها؟! فأماته الله مائة عام فتوالد ولده وتناسلوا ثم بعث الله إليه فأحياه في المولد الذي أماته فأولئك ولده أكبر من أبيهم».
وفي المجمع عن أمير المؤمنين (عليهالسلام) : «أنّ عزيرا خرج من أهله وامرأته حامل وله خمسون سنة فأماته الله مائة سنة ثم بعثه فرجع إلى أهله ابن خمسين وله ابن له مائة سنة فكان ابنه أكبر منه فذلك من آيات الله».
قال الطبرسي في المجمع : «الذي مرّ على قرية هو عزير وهو المروي عن أبي عبد الله (عليهالسلام) ـ إلى أن قال ـ وقيل : هو أرميا وهو المروي عن أبي جعفر (عليهالسلام).
وقال : وروى سعد بن عبد الله القمي في بصائر الدّرجات عن أمير المؤمنين (عليهالسلام) : «أنّ الآية في عزير وعزره».
أقول : وعن ابن عباس أنّه عزير ولكن لا جدوى في تعيين النبي الذي مر على القرية أنّه عزير أو أرميا ولعلّ إهماله تبارك وتعالى ذكره لأنّ المقصود تحقق أصل الموضوع ليستدل به على كلية المعاد ، كما لا جدوى في تعيين القرية هل أنّها إيليا (بيت المقدس) أو القرية التي خرج منها الألوف حذر الموت على ما تقدم.