أثبته (عليهالسلام) إنّما هو من القسم الثاني دون الأول.
ولعلّ المراد من التشابه تشابه الآية المباركة من حيث احتمال ورود الشك على قلب إبراهيم (عليهالسلام) وهو باطل. وبقية الحديث ظاهر بأدنى تأمل.
وفي المحاسن عن صفوان بن يحيى عن الرضا (عليهالسلام) في قول الله عزوجل : (أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قالَ بَلى وَلكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي) أكان في قلبه شك؟ قال (عليهالسلام) : «لا ، كان على يقين ولكنّه أراد من الله الزيادة في يقينه».
أقول : روي قريب منه في الكافي وتفسير العياشي وبناء على هذا الحديث يكون الاستفهام بالنسبة إلى عين اليقين لا بالنسبة إلى أصل العلم وحق اليقين.
في تفسير القمي عن ابن أبي عمير عن أبي أيوب عن أبي بصير عن الصادق (عليهالسلام) : «أنّ إبراهيم نظر إلى جيفة على ساحل البحر تأكلها سباع البرّ وسباع البحر ثم يثب السباع بعضها على بعض فيأكل بعضها بعضا ، فتعجب إبراهيم فقال : يا ربّ أرني كيف تحيي الموتى؟ فقال الله تعالى أو لم تؤمن؟ قال بلى ولكن ليطمئنّ قلبي قال : فخذ أربعة من الطير فصرهن إليك ثم اجعل على كل جبل منهنّ جزءا ثم ادعهن يأتينك سعيا واعلم أنّ الله عزيز حكيم. فأخذ إبراهيم (عليهالسلام) الطاووس والديك والحمام والغراب فقال الله عزوجل : فصرهنّ إليك أي قطعهنّ ثم اخلط لحمهنّ ، وفرقهنّ على عشرة جبال ، ثم خذ مناقيرهنّ وادعهنّ يأتينك سعيا ففعل إبراهيم ذلك وفرقهنّ على عشرة جبال ثم دعاهنّ فقال : أجبنني بإذن الله فكانت تجتمع وتتألف لحم كلّ واحد وعظمه إلى رأسه ، فطارت إلى إبراهيم (عليهالسلام) فعند ذلك قال إبراهيم : إنّ الله عزيز حكيم».
أقول : صدر الحديث يبيّن الشبهة التي تعرض في جميع الأذهان وهي مشهورة ب (شبهة الآكل والمأكول) ولعلّ ألهم خليل الرحمن (عليهالسلام) أن يستفهم جواب هذه الشبهة عن الله تعالى ، ويرى الجواب عيانا ليبينه للناس وهذه عادة جميع الأنبياء في مقام الاحتجاج على الخلق.