العظيمة وعظم النعمة وثقلها تارة : تكونان بحسب الذات وأخرى بالقول كأن يقول لمن أعطاه ألم أعطك أو تثقيل النعمة وتعظيمها وإكبارها وثالثة : بالفعل كأن يتطاول المعطي على من أعطاه.
والأولى : إذا كانت النعمة ممن اتصف بالجود والعظمة والكبرياء حسن وهي من صفات الله تعالى ومن أسمائه الحسنى المقدّسة «المنان» وقد وردت مشتقات هذه المادة في القرآن الكريم في موارد كثيرة ، ولعلّ من أعذبها وأعظمها قوله تعالى : (وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ) [القصص ـ ٥] ، وقوله تعالى : (لَقَدْ مَنَّ اللهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ) [آل عمران ـ ١٦٤].
والثانية والثالثة : مذمومتان وهما من مساوئ الأخلاق ، وفي الدعوات المأثورة عن الأئمة الهداة (عليهمالسلام) الاستعاذة بالله العظيم من المنّ على الغير ، ففي الصحيفة الملكوتية السجادية «وأجر للناس عليّ الخير ولا تمحقه بالمن».
والأصل في معناه : القطع كأنّ المعطي بالمنّ يقطع الصلة بينه وبين عمله ويمحقه.
والأذى : كلّ ما يصيب الإنسان من ضرر ومكروه سواء كان جسمانيا أو معنويا ، ولهذا اللفظ استعمالات كثيرة في القرآن الكريم بهيئات مختلفة.
والمعنى : الذين ينفقون أموالهم ويبذلونها يقصدون بذلك وجه الله ويطلبون مرضاته ولا يلحقون إنفاقهم المنّ على من أحسنوا ولا يتبعونه الأذى بهم لهم عند ربّهم الأجر الجزيل.
ويستفاد من هذه الآية الشريفة : أنّ شرط ترتب الثواب أمور ثلاثة : قصد وجه الله تعالى ، وكونه في سبيله عزوجل ، وترك المنّ والأذى.
وإنّما كرر «لا» في الآية المباركة لبيان أنّ كلّ واحد من الأمرين منهيّ