لهم وإعلاء لشأنهم وتعظيما لعملهم.
والمعنى : الذين يبذلون أموالهم في سبيل الله ويبتغون مرضاته ولا يتبعون إنفاقهم بالمنّ ولا بالأذى فإنّ لهم أجرهم الكبير محفوظا عند ربّهم ولا يصيبه الفناء والزّوال ولا يصيبهم خوف عن أهوال القيامة ولا حزن عما يكون في المحشر.
والآية الشريفة تبيّن حكما فطريا وهو أنّ الارتباط مع من لا نهاية لعظمته في الجمال والجلال يوجب استكمال من يرتبط به فإنّ المضاف ربما يكتسب الشرف ، وهذه الإضافة هي إضافة الإنفاق في سبيل الله تعالى الحاضر لدى المنفق ولا ريب في أنّ العبد يصل بها إلى أعلى درجات يمكن أن يصل إليه الممكن إن خلصت الإضافة عن المادة واشتدت بالنسبة إلى الله تعالى.
٢٦٣ ـ قوله تعالى : (قَوْلٌ مَعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِنْ صَدَقَةٍ يَتْبَعُها أَذىً).
المعروف اسم لكلّ ما يعترف العقل أو الشرع بحسنه فعلا كان أو قولا بخلاف المنكر ، والمراد به في المقام الرد الجميل المستحسن.
ومادة (غفر) تأتي بمعنى الصّون عن الدنس ، وبمعنى العفو عن العذاب ، والمغفرة والغفران مصدران أي : إنّ الرد الجميل بالقول والمجاملة مع السائل والفقير بما لا يوجب كسر قلبه إذا لم يقترن سؤاله بما يسيء الأدب مع المسؤول عنه ، والعفو والإغماض عما يقترن بالسؤال أو الحال بما هو خلاف الواقع أو الإلحاح في السؤال بما لا ينبغي الإلحاح فيه لغير الله جلّ جلاله ، أو الحلف بالمقدّسات الدينية في شيء يسير من الدنيا الدنية أو الإساءة في السؤال أو زمانه أو مكانه ، أو الإزعاج ونحو ذلك مما يكبر على النفوس ، فإنّ الرد كذلك من غير عطاء خير عند الله تعالى من صدقة يتبعها أذى.
ومن مقابلة الأذية للقول المعروف والمغفرة يعرف أنّها سوء المقال أو سوء المقابلة.