والمعنى : إنّكم لا تأخذون الخبيث ولا ترضون به لأنفسكم الا أن تتغافلوا عن خبثه وتتساهلوا في رداءته وهذا ليس من الأخلاق الكريمة والإنسان بإعطائه لا يتصف بالجود والسخاء كما أنّه ليس كمالا أن يأخذ الشيء الرديء فإنّه ليس من المعروف المحبب.
قوله تعالى : (وَاللهُ غَنِيٌّ حَمِيدٌ).
أي : والله غنيّ منزه عن النقائص محمود على أفعاله وآلائه فلا ينبغي أن تتقربوا إليه بالخبيث.
وفي الآية المباركة تحذير عن أن يدنس ما يراد به وجه الله جلّ جلاله بالمعايب الظاهرية والنقائص الواقعية. ويقصد به ما يتنزل عن مقام الأحدية المطلقة ، فكما أنّ الذات المقدّسة وأفعاله المباركة منزهتان عن شائبة النقص والشرك لا بد أن يكون ما يقصد به وجهه الأقدس كذلك أيضا ، فينبغي مراقبة النفس والأفعال حينئذ.
٢٦٨ ـ قوله تعالى : (الشَّيْطانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشاءِ).
الفقر : الحاجة ولكنّه يستعمل على أقسام.
الأول ـ الحاجة الضرورية الفعلية ، وهي عامة لجميع الموجودات الممكنة لأنّ كلّ ممكن محتاج وكلّ محتاج ممكن قال تعالى : (يا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَراءُ إِلَى اللهِ وَاللهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ) [فاطر ـ ١٥] ، وقال تعالى في وصف الأنبياء : (وَما جَعَلْناهُمْ جَسَداً لا يَأْكُلُونَ الطَّعامَ) [الأنبياء ـ ٨].
الثاني : عدم المقتنيات وهو المراد بقوله تعالى : (إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ وَالْمَساكِينِ) [التوبة ـ ٦٠] ، وغيره من الآيات.
الثالث : فقر النفس الذي أشار إليه نبينا الأعظم (صلىاللهعليهوآله) في قوله : «كاد الفقر أن يكون كفرا» وهو في مقابل غناء النفس الذي هو من أجلّ الصّفات وأكملها.
الرابع : الفقر إلى الله تعالى وهو أرفع المقامات وأعلى الدّرجات فعن